تابع اللبنانيون طيلة نهار الخميس، على نحو مثير، حدثاً بالغ الحساسية يعد من أبرز الأحداث التي تكاد تتحول إلى ظاهرة بسبب امتناع المصارف عن تسديد ودائع المودعين منذ بداية أزمة لبنان في نهاية عام 2019.
وفي مشهد أطلق عليه البعض وصف "فيلم لبنان يطويل"، انشغل الرأي العام بحادثة احتجاز المودع، بسام الشيخ حسين، لموظفي مصرف في بيروت، مطالباً باسترداد أمواله المحتجزة، ومهدداً بإشعال نفسه وبقتل الموظفين.
وتعليقاً على ما جرى وصف خبراء العملية بالإنذار الخطير، سيما لجهة التعاطف الشعبي مع المودع المسلح، ما يكشف المعاناة التي يعاني منها اللبنانيون منذ بدء الأزمة المالية والودائع المرتهنة لدى المصارف.
وقالت مصادر مصرفية لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن عدداً من المصارف بدأت باتخاذ إجراءات احترازية، لمنع تكرار حادثة "فيدرال بنك" في شارع الحمرا، قلب عاصمة بيروت التجاري.
وأضافت المصادر أن بعض المصارف طلبت من الدولة رخصاً لعناصر حماية خاصة مسلحين، كما تدرس بعض المصارف إقفال فروع لها في بعض المناطق.
وبدوره حمّل رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية، مسؤولية ما جرى الخميس في شارع الحمرا لكل من مجلس النواب والحكومة اللبنانية والمصارف، والسلطات القضائية.
وقال مغنية لموقع "سكاي نيوز عربية": "كنت أملك المعطيات بأن حادثة مماثلة ستقع في البلاد وحذرت من ذلك قبل 10 أيام في مؤتمر صحفي عقدته دون جدوى".
وأضاف: "المؤسف أن الحكومات التي تعاقبت بعد الأزمة منذ 3 سنوات لم تضع خطة حل لا اقتصادية ولا مالية، وما توصلت إليه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ليست إلا عملية شطب لجزء كبير من الودائع المصرفية".
وكشف مغنية أن "قيمة الودائع لدى البنوك كانت سابقاً تقدر بـ170 مليار دولار أميركي، ومع بداية الأزمة في عام 2019 تم تحويل جزء منها خارج لبنان من قبل الجهات النافذة والسياسيين والميسورين".
وقال: "تم إعطاء المودعين مبالغ محدودة جداً وبشكل مقونن وشهري توقف في مارس 2020، وبدأ الدفع يتم على أسعار مختلفة وبمبالغ زهيدة ".
وأضاف مغنية أن الودائع المطلوبة تقدر ب 98 مليار دولار، بينما المتوفرة لدى البنوك تبلغ 10 مليارات دولار أميركي فقط، والفرق كبير جدا".
واستطرد: " نتواصل دائماً مع الحكومة ونطالب بإيجاد الحل من خلال اجتماعاتها مع المعنيين، لكن من دون جدوى، ونخشى انفلات الأمور واتجاهها نحو الفوضى".
وصباح الجمعة قطع أهالي الموقوف بسام الشيخ حسين، الذي دخل المصرف وقام باحتجاز رهائن الخميس، الطريق في محيط سكنه في منطقة الأوزاعي جنوبي بيروت، رافضين توقيفه لدى القوى الأمنية.
وتقول مراسلتنا إن الشيخ حسن بدأ إضراباً عن الطعام، حيث هدّد خلال اتصال هاتفي مع محاميته بشنق نفسه ما لم يتم الإفراج عنّه كما تم الاتفاق معه، وهدد خلال اتصال هاتفي مع محاميته بشنق نفسه مال يتم الإفراج عنه كما تم الاتفاق معه.
وفي السياق عينه، قال رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية في لبنان، المحامي بول مرقص، لموقع "سكاي نيوز عربية": "ما حدث الخميس من تهديد بالسلاح واحتجاز رهائن جريمة يعاقب عليها القانون، ولكنها تعتبر نتيجة لتقصير السلطات عن وضع خطة استراتيجية وزمنية لتحرير الودائع وإعطاء المودعين حقوقهم".
وأضاف: "لم يترك لهذا المودع غير هذا الحل، ولم تقر أية خطة لتحصيل الحقوق وبالتالي لم يترك له الخيار".
وأكد رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية أن المودع لا يزال موقوفا، إنما وفقا للحق العام، كاشفا لـ "سكاي نيوز عربية"، أن التوقيف يقتصر على إشارة من القضاء من دون ادعاء من المصرف أو من الموظفين الذين تم احتجازهم، و سيكون إخلاء سبيله قريباً بانتظار نهاية العطلة الرسمية في البلاد والجمعية ستتابع الموضوع يوم الثلاثاء المقبل".
وعن جمعية المودعين قال مغنية أن في لبنان أكثر من تجمع يحمل هذه القضية المحقة، وجمعية المودعين اللبنانيين تعد أكبرها، وقد أسسها بعد أن حصلت معه حادثة مماثلة لحادثة بسام الشيخ حسين، واحتجز حينها موظفين بدون استخدام السلاح في أحد المصارف بسبب مرض والدته التي توفيت لاحقا".
وبدوره علّق خبير المخاطر المصرفية محمد الفحيلي على حادث المصرف لموقع "سكاي نيوز عربية"، وقال: "ليست كل مكونات الطبقة السياسية فاسدة وليس كل المواطنين من المأجورين، وعملية تخويف وتهديد موظفي المصارف والزبائن هو عمل إجرامي يساوي بإجرامه التعثر في أداء الحقوق الى أصحابها، وكذلك جريمة انفجار مرفأ بيروت".
وأضاف: "موظف المصرف مواطن عادي يستحق العيش الكريم والاحترام أثناء أداء وظيفته مثل باقي الموظفين، وأقل ما يقال فيما يحصل هو فساد وفشل للطبقة الحاكمة ولبعض مكونات القطاع الخاص في حل مشكلة المودعين في البنوك.