يرى خبراء طاقة أن اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان على بيع جزء من الغاز الروسي لتركيا بالروبل، يقدم فوائد بالجملة للاقتصاد الروسي وفي مقدمتها تعزيز قيمة الروبل وتعظيم بعض صادرات روسيا من الغاز، إضافة إلى مساعدة روسيا على تجنب بعض المدفوعات الدولارية بسبب العقوبات التي يفرضها الغرب عليها.
وجرى مؤخراً بحث إمدادات الغاز الروسي إلى تركيا والتي يتم توريدها بكميات كبيرة (26 مليار متر مكعب سنوياً)، حيث اتفق الرئيسان التركي والروسي على أن يتم دفع ثمن جزء من إمدادات الغاز بالروبل على أن يتم التحول للعملات الوطنية بشكل تدريجي بحسب تصريحات لنائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.
ويؤكد عامر الشوبكي الباحث المتخصص في شؤون النفط، "أن الاتفاق خطوة تركية تسهم في تعميق العلاقات التركية الروسية، وتسهل على روسيا تجنب العقوبات المفروضة على المدفوعات الدولارية، بالإضافة إلى تعزيز قيمة الروبل وزيادة صادرات روسيا من الغاز، وخصوصاً أن نصف احتياجات تركيا من الغاز تأتي من روسيا، وبالتالي فإن الاتفاق يؤمن لتركيا هذه الاحتياجات بضمان أكبر، ولا ننسى أن خط ترك ستريم يؤمن لأوروبا حوالي 16.5 مليار قدم مكعب من الغاز نصفها يذهب إلى تركيا والنصف الآخر إلى الاتحاد الأوروبي".
ويوضح الشوبكي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن هذه الخطوة التركية ستعتبرها الولايات المتحدة محابية لروسيا، فضلا عن الخطوات الأخرى التي اتخذتها تركيا حيث إن هناك خمسة بنوك تركية سوف تعتمد نظام الدفع "مير" بسبب العقوبات على البنوك الروسية من نظام "سويفت" وحاجة تركيا للتعاملات البنكية مع روسيا، إذ لا تزال تركيا تستقبل السياح الروس بشكل كبير".
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي حسين القمزي حول فوائد هذا الاتفاق على الاقتصاد الروسي: "إن مدفوعات الروبل تساعد روسيا على تجنب المدفوعات الدولارية والقيود المفروضة على هذه المدفوعات بسبب العقوبات، فتركيا تشتري 25 في المئة من نفطها و50 في المئة من الغاز من روسيا، كما أن روسيا تبني مفاعلاً ذرياً ضخماً في تركيا ولن يتم المشروع دون أن تتمكن روسيا من الدفع لمقاوليها في تركيا واستلام مدفوعات من تركيا للمشروع".
كما أشار القمزي إلى أن قيام بعض البنوك التركية بالربط بنظام مير الروسي للمدفوعات سيعيد السياح الروس إلى تركيا حيث إنهم لا يستطيعون استخدام بطاقات الائتمان مثل فيزا و ماستر كارد، وخصوصاً أن السياح الروس يشكلون ثاني أكبر عدد من السياح في تركيا بعد السياح الألمان.
بدوره، يشير الدكتور هاني مصطفى الشامي أستاذ الاقتصاد أن "اتفاق بيع جزء من الغاز الروسي لتركيا بالروبل من شأنه زيادة الطلب على الروبل من قبل تركيا ما يؤدى إلى زيادة قيمته، فمن الناحية النظرية قد يؤدي طلب الدفع بالروبل إلى دعم الطلب على العملة الروسية وزيادة قيمتها لكن ليس بالشكل الكبير لأنه يتم استخدام اليورو والدولار بالفعل لشراء الروبل عندما تقوم شركة الغاز الروسية بمبادلة أرباحها الأجنبية".
ومن الفوائد التي من المتوقع أن يجنيها الاقتصاد الروسي من الاتفاق، حفاظه على رصيده من العملات الأجنبية التي أصبحت أكثر ندرة منذ أن جمدت الدول الغربية الكثير من احتياطيات روسيا في الخارج وذلك من خلال نقل تدفق العملات الأجنبية من شركة الغاز الروسية إلى النظام المصرفي الذي تسيطر عليه الدولة إلى حد كبير، وفقاً للدكتور الشامي.
أما بالنسبة للفوائد التي تجنيها تركيا يضيف الدكتور الشامي: "أن هذا الاتفاق سيحمي احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية لأنه مع التوسع في استخدام الروبل الروسي وبشكل أساسي في المدفوعات عن الغاز الروسي المباع لتركيا، ثم إن إدخال الليرة التركية والروبل في التعاملات التجارية بين البلدين بدلاً من الدولار واليورو سيقلل من احتياج تركيا للدولار واليورو في سداد فاتورة الواردات ما يزيد من رصيدها من هذه العملات الأجنبية ويعزز وضعها الاقتصادي".