بالرغم من صغر حجم تايوان، وعدد سكانها البالغ 23 مليون نسمة، إلا أن العالم بأسره يبدي اهتمامًا كبيرًا بالصناعات التايوانية، ما يجعلها من أهم المصدرين لأكبر اقتصادات العالم.
تمثل صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات أهمية بالغة لتايوان، مثلما تمثل صناعة السيارات أهمية كبيرة لألمانيا، إلا أن الأولى تعتمد بشكل كبير على صادراتها كمصدر مهم للدخل، إذ أن نحو 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتايوان يعتمد على التصدير، وخاصة تصدير الرقائق الإلكترونية، بينما تبلغ هذه النسبة 47 بالمئة فقط في ألمانيا.
أهمية الصين لتايوان
وللصين أهمية بالغة عند تايوان، إذ تتصدر الصين قائمة شركائها التجاريين، واستحوذت الصين على نحو 28.2 بالمئة تقريبًا من إجمالي الصادرات التايوانية في 2021، بقيمة بلغت نحو 126 مليار دولار.
وجاءت الولايات المتحدة كثاني أكبر المستوردين من تايوان، حيث استوردت ما قيمته 65.9 مليار دولار، أي نحو 14.7 بالمئة من ما تصدره تايوان.
وبجانب ما تستورده الصين، فإن مكانتها بالنسبة لتايوان تعد شديدة الأهمية فيما يتعلق بالاستثمار، فمنذ العام 1991 وحتى نهاية شهر مايو في عام 2021، استثمرت الشركات التايوانية نحو 194 مليار دولار في نحو 44.5 ألف مشروع داخل الصين.
كما تزود الصين تايوان بأهم المواد الخام الرئيسية التي تعتمد عليها الأخيرة في صناعاتها الحساسة، أبرزها العناصر الأرضية النادرة ومكونات المواد الإلتكرونية المهمة كأشباه الموصلات.
وتقوم تايوان بتصدير هذه المنتجات، والتي تحتاجها الصين بشدة، كسائر دول العالم المتقدم في الصناعات الكهربائية والتكنولوجية.
وتسعى الصين لإحراز تقدم كبير في صناعة الرقائق الإلكترونية، إلا أنها لم تحرز تقدمًا كبيرة يقلل من احتياجها للواردات التايوانية.
التوترات والخصام التجاري
منذ أن زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي تايوان، عززت الصين من حظر وارداتها من تايوان مع ارتفاع التوترات بشكل كبير بين واشنطن وبكين، إذ تعتبر الصين تايوان جزءًا من أرضها، كما ترى أن زيارة مسؤولة أميركية لتايوان تحمل ضمنيا اعترافًا بسيادتها واستقلالها.
وأعلنت الصين عن مناورات عسكرية كبيرة في مضيق تايوان، تبعه اختراق متكرر من قبل الطائرات الصينية للمجال الجوي التايواني، ما يزيد المخاوف من أن تزيد الصين خصومتها مع تايوان، وتمنع استيراد المزيد من المنتجات منها، كمقدمة لعمل عسكري محتمل تضم فيه الصين الجزيرة.
بحسب تقرير لـ "سي إن بي سي"، فإن تمكن الصين من تصنيع احتياجاتها من الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات داخل أرضها قد يزيد من احتمالية الضم المحتمل لجزيرة تايوان، باستخدام القوة.
وبحسب التقرير، فإن الصين قد تقوم بهذه العملية بحلول عام 2049 بحد أقصى، وهو الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
ويرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، رودريش كيسويتر، أن عملية ضم تايوان قد تحدث قبل ذلك بوقت كبير.
وأشار إلى أن الصين قد تتمكن من إنتاج أشباه الموصلات بنفس الدقة والسعرة والكفائة والكمية بحلول عام 2027، ما يعني أن احتمالية ضم الصين لتايوان قد تكون أقرب من المتوقع، كما أن الصين ترى انشغال الغرب بالأزمة الأوكرانية حاليًا.
وعلى الرغم من هذا، فإن كيسويتر يرى أن الصين ليست مستعدة في الوقت الحالي لعملية عسكرية تهدف لضم تايوان، مؤكدًا أن استعداد الغرب لهذا الحدث أمر ضروري، ولكن ليس في الأشهر القليلة القادمة.
وشمل الحظر الصيني لاستيراد المنتجات من تايوان المواد الغذائية بشكل كبير، إلا أن قائمة الحظر قد تشهد المزيد من المنتجات.
ومن جهة أخرى، فإن الصين لا تمتلك القدرة لمنع استيراد الرقائق الإلتكرونية المتقدمة من تايوان، ما يعني أن ضمها لقائمة المحظورات يعد أمرا مستبعدًا حتى الآن وبالمستقبل القريب.