يوشك الذهب الروسي المنتج حديثاً أن يصبح "منبوذاً" من قبل العديد من الدول الكبيرة التي تقول إن عائدات هذا المعدن، يتم استخدامها لأهداف غير "نبيلة" من خلال تمويل الحرب الروسية على أوكرانيا.
وأعلنت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا واليابان نهاية الشهر الماضي عن فرض حظر على استيراد الذهب الروسي المنتج حديثاً، لينضم الاتحاد الأوروبي منذ ساعات إلى هذا القرار ويفرض حظرا على واردات الذهب الروسي بما في ذلك المجوهرات، وذلك بهدف تجفيف منابع تمويل نظام بوتين.
ولكن وفي كل مرة تتخذ فيها الدول الغربية قراراً جديداً تستهدف من خلاله "سلعة روسية"، تبرز إلى الواجهة أسئلة مبررة من قبل المراقبين، وهي هل هناك جدوى من هذا الإجراء؟ أم أننا سنشهد تكراراً لسيناريو النفط والغاز؟
وقال عضو المنتدى الاقتصادي العالمي د. ألفرد رياشي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، فإن روسيا كانت ثاني أكبر دولة إنتاجاً للذهب في العالم في 2021 بحجم إنتاج قدره 330.9 طنا، كما يُعد الذهب ثاني أكبر مُنتج تُصدّره روسيا بعد الطاقة.
وقد صدّرت روسيا نحو 302 طناً من الذهب بقيمة 17.4 مليار دولار في عام 2021، حيث كانت بريطانيا واحدة من أهم وجهات الذهب الروسي مع استيرادها لـ 266 طناً بقيمة 15.4 مليار دولار.
وأضاف رياشي: صحيح أن معظم الإنتاج الروسي من الذهب كانت تستورده بريطانيا، ولكن روسيا لديها القدرة على استبدال السوق الرئيسية لذهبها بسوق ثانية سريعاً، وهي تمتلك أسواق مبيعات فائضة في الصين والهند وغيرها من الدول، تماماً كما حصل مع صادراتها النفطية.
وأشار إلى أن قرار حظر الذهب الروسي بدأت كل من أميركا وأوروبا في تنفيذه على أرض الواقع منذ شهر مارس/آذار 2022، وهذا ما دفع بموسكو إلى السعي منذ أبريل/نيسان الماضي إلى فتح أسواق جديدة لذهبها في الصين والشرق الأوسط، ولم يستبعد لجوء روسيا إلى استراتيجية "تخفيض الأسعار" للجهات التي ستشتري منها الذهب.
من جهته يقول الأستاذ الجامعي محمد الحاج في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" إن أسعار الذهب لا تميل إلى التفاعل مع أساسيات العرض والطلب، بالطريقة نفسها تماماً مثل النفط والغاز، مشككاً بجدوى خطوة "محاصرة" الذهب الروسي، حيث اعتبر أن المعدن الأصفر الروسي سيتمكن وفي جميع الأحوال من الولوج إلى الأسواق المُحرمة عليه وذلك بعد تبييضه في أسواق وسيطة.
ويضيف الحاج أن التوقعات تشير إلى أن فائض ميزان المدفوعات الروسي قد يصل هذا العام إلى مستوى تاريخي يتراوح بين 200 و300 مليار دولار، وذلك بفعل العائدات الضخمة لصادرات النفط والغاز، وهذا ما دفع بالولايات المتحدة وحلفائها لبحث فكرة وضع سقف لسعر برميل النفط الروسي.
ويعني هذا الفائض الكبير من الأموال أن روسيا بإمكانها امتصاص الذهب من أسواقها المحلية دون الحاجة إلى تصديره، وذلك كمرحلة أولى إلى حين إيجاد الأسواق البديلة.