وصف خبراء اقتصاد تخلف روسيا عن دفع قيمة فوائد ديونها من السندات المقومة بالدولار، بأنها أغرب حالة تخلف عن سداد الديون في التاريخ، مشيرين إلى أن سبب تخلف الدول عن سداد ديونها عادة ما يكون لعدم امتلاكها المال، بينما في الحالة الروسية تم دفع موسكو للعجز عن الوفاء بالتزاماتها بعد تجميد أموالها في أنظمة المدفوعات الغربية.
وبحسب مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني، فإن روسيا أصبحت في حكم الدولة المتخلفة عن سداد ديونها الخارجية، بعد أن فشلت في دفع فوائد مستحقة على إصداري سندات حكومية بعد انتهاء فترة السماح المقررة بـ30 يوماً.
وكانت ديون روسيا واجبة السداد في 27 مايو 2022، مع فترة سماح انتهت يوم 27 يونيو 2022 دون أن تصل الأموال لحسابات المستثمرين.
وآخر مرة تخلفت فيها روسيا رسمياً عن سداد ديونها الخارجية كانت في عام 1918، في حين كانت آخر مرة تخلفت فيها عن سداد ديون سيادية في عام 1998 بسبب الأزمة المالية التي نجمت عن انهيار أسعار النفط وتدهور قيمة الروبل، حيث اقتصر هذا التخلف على ديونها الداخلية.
وقال الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي: "تخلف روسيا عن دفع قيمة فوائد الديون من السندات المقومة بالدولار واليورو، الذي أُعلن عنه مؤخراً، يعد أغرب حالة عن تخلف سداد الديون في التاريخ، لأنه للمرة الأولى يتم دفع دولة أو إرغامها على التخلف، حيث تم تجميد أموال روسيا في الخارج وحرمانها من سداد ديونها، وفي العادة يكون سبب تخلف الدول عن سداد ديونها عدم قدرتها على دفع المال، فهناك 100 مليون دولار من فوائد السندات المقومة بالدولار على روسيا".
وأوضح الشوبكي في حديثه لموقع "اقتصاد نيوز عربية" أن قيمة ديون روسيا من السندات المقومة بالعملات الأجنبية تبلغ 40 مليار دولار تقريباً بينما لدى روسيا 640 مليار دولار من الاحتياطيات، يتواجد جزء منها في البنك المركزي الروسي وجزء في الأرصدة الخارجية.
وتابع الشوبكي أن السندات تسدد عادة بنفس القيمة المقومة بها، وبالتالي فإن أصحاب السندات رفضوا استلام فوائد ديونهم بالروبل، وهذا من حقهم بطبيعة الحال، ما دفع روسيا لإعلان القوة القاهرة لعجزها عن السداد، وهذا محل خلاف قانوني ويترتب عليه عدة أمور فيما إذا ارتفعت حالات التخلف الروسي عن سداد الديون وهو متوقع في الفترة المقبلة وربما يُعلن وبشكل نادر جداً عن إفلاس دولة تملك كميات ضخمة من الأموال مثل روسيا".
ولفت الشوبكي إلى أن عواقب ذلك على الاقتصاد الروسي ستكون محدودة جداً باعتبار أن ما يقلق الاقتصاد الروسي حالياً هو معدلات التضخم المرتفعة والانكماش الاقتصادي، ما يعني أن التأثير سيكون بسيطاً في المرحلة الحالية أم على المديين المتوسط والبعيد سيكون التأثير كبيراً، بسبب لجوء مؤسسات التصنيف العالمية مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز" لتخفيض تصنيف روسيا الائتماني ما سينعكس سلباً عليها في حال رغبت بالاستدانة من الخارج.
بدوره أشار المحلل المالي عبد العظيم الأموي في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن تخلف روسيا عن سداد قيمة فوائد ديونها من السندات يعكس تأثير الحصار الاقتصادي على الاقتصاد الروسي الذي أصبح لا يستطيع استخدام شبكات تحويل الأموال الدولية، موضحاً رفض الخزانة الأمريكية تجديد الإعفاء الخاص من العقوبات الروسية والذي يسمح للمستثمرين تلقي مدفوعات من روسيا زاد الأمر تعقيداً، حيث أصبح بموجب ذلك استلام الأموال من روسيا غير قانوني.
وأضاف الأموي: "بعد تخلف روسيا عن السداد أصدر الكرملين مرسوماً في يونيو 2022 ينص على أن جميع مدفوعات الديون مستقبلاً سوف تكون بالروبل وعبر البنوك الروسية، وهذا يزيد الوضع تعقيد لأن نشرات السندات تشترط أن تكون المدفوعات بعملات أجنبية غير الروبل الذي تشترط روسيا الدفع به ما يرفع مخاوف التخلف عن السداد مستقبلاً، وهنا يجدر الذكر أن البنوك الفرنسية والإيطالية منكشفة على الديون الروسية بـ 50 مليار دولار والبنوك النمساوية يبلغ انكشافها 17.5 مليار دولار بينما يبلغ انكشاف البنوك الأميركية 14.7 مليار دولار حسب رصد بنك التسويات الدولية".