تواجه مؤسسات الخدمة المدنية في السودان صعوبات كبيرة، في ظل الإضرابات المتكررة التي تكلف خزينة الدولة خسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات سنويا.
وتكاد عجلة المؤسسات الحكومية في السودان تتوقف عن الدوران منذ شهور، على خلفية الإضرابات المعلنة وغير المعلنة لآلاف العمال بسبب تدني الأجور، في ظل الارتفاع الجنوني لتكاليف المعيشة.
وقدرت إحصاءات غير رسمية عدد المؤسسات الحكومية التي دخل موظفوها في إضرابات خلال الشهرين الماضيين، بـ35 مؤسسة على مستوى البلاد.
وشملت موجة الإضرابات الأخيرة مؤسسات خدمية وجامعات، وأخرى تعتمد عليها الدولة بشكل كبير في التحصيل اليومي وجمع الضرائب والعوائد.
ويؤكد الوليد علي المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، الذي يضم عددا من الكيانات المهنية، أن معظم العمال في القطاعات الحكومية مضربون بشكل غير معلن، لأن "الأجور لا تتناسب مع التكاليف المرتفعة للمعيشة".
ويوضح علي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الشلل يطال غالبية المؤسسات الحكومية.
ويشير المتحدث باسم التجمع إلى أن "الحكومة السودانية تحوطت لإضرابات وشلل مؤسساتها ولجأت إلى فرض ضرائب ورسوم إضافية لإنقاذ الخزانة العامة، لأن الإضرابات المعلنة وغير المعلنة قللت الإيرادات المالية، خاصة في المرافق الاقتصادية مثل الموانئ والمؤسسات المعنية بالتحصيل الحكومي".
ويقول إن العديد من المؤسسات، حتى تلك التي لم تدخل في إضرابات، تشهد معدلات غياب كبيرة عن العمل بسبب حالة الإحباط العامة وارتفاع تكاليف النقل وغيرها من الأسباب، مما أثر بشكل كبير على إيرادات الدولة.
ويقول (م. س) وهو عامل بإحدى المؤسسات الخدمية، إنه والكثير من زملائه يفضلون على العمل البقاء في البيت أو الخروج باكرا للبحث عن مصادر دخل أخرى، في ظل اتساع الهوة بين مستوى الأجور وتكاليف المعيشة المستمرة في الارتفاع.
وفي حين يبلغ الحد الأدنى لأجور للعمال في السودان 30 ألف جنيه "الدولار يعادل 570 جنيها"، فإن تكاليف معيشة الأسرة المتوسطة تصل إلى نحو 300 ألف جنيه، أي 10 أضعاف الحد الأدنى
وفي هذا السياق، يقول الوكيل الأسبق بوزارة الحكم الاتحادي حسان نصر الله لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تكاليف المعيشة لا تتناسب مع أجور العمال والموظفين، لذلك أصبح الذهاب إلى العمل غير مشجع.
ويشير نصر الله في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن "السودان يمر بفترة اقتصادية عصيبة بسبب تراجع الأنشطة الاقتصادية والركود التضخمي، مما أدى إلى انخفاض حاد في إيرادات المؤسسات الحكومية".
ويعزو المسؤول السابق حالة الشلل التي تعانيها المؤسسات الحكومية إلى سوء الإدارة وانتشار الفساد، في حين تعاني مؤسسات القطاع الخاص تدني الأجور والامتيازات.
ويشترط نصر الله لعودة الخدمة المدنية إلى مسارها الصحيح "ضرورة تطبيق إجراءات حازمة تشمل خلق بيئة محفزة، وتوفير الإرادة السياسية اللازمة للإصلاح المؤسسي، إلى جانب معالجة قضية الرواتب بضبط الأسواق بدلا من زيادة أجور العمال".