تواجه بريطانيا أسوأ موجة ركود اقتصادي منذ السبعينيات نتيجة الحرب في أوكرانيا التي أوقفت خطط التعافي بعد فيروس كورونا وارتفاع أسعار الكهرباء والخدمات بعد حظر الغاز الروسي.
وقدرت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، أنه باستثناء روسيا، يعد الاقتصاد البريطاني الأسوأ أداء بين اقتصادات دول مجموعة الـ20، بعد الحرب الأوكرانية وتمرير قانون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمعروف بقانون "بريكست".
وتقول دراسة أوروبية حديثة إن الاقتصاد البريطاني خسر نحو 38 مليار دولار بعد مغادرة أوروبا.
وحسب خبراء اقتصاديين، فإن التخلي عن إمدادات الطاقة الروسية بشكل كامل يعني انكماشا في اقتصادات أوروبا بنسبة 1.2 بالمئة، ويزيد من خطر دخول كثير من الدول الأوروبية في ركود اقتصادي العام المقبل وبينها بريطانيا.
الحرب الأوكرانية
وطالب رئيس اتحاد الصناعة البريطانية توني دانكر، الأحد، رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والحكومة بحل القضايا وأن يتخذا قرارات سريعة دون توقع تنسيق مشروع الميزانية لتجنب ركود اقتصادي بالبلاد، وفقا لشبكة "بي بي سي".
وأضاف رئيس الاتحاد، الذي يضم آلاف المصانع البريطانية، أن هناك ارتفاعا سريعا لأسعار الطاقة الكهربائية والوقود والغذاء والعديد من السلع والخدمات خلال الفترة الأخيرة تتطلب تدخلا عاجلا.
كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قال، إنه على العمال قبول تخفيضات في الأجور إذا أرادت بريطانيا تجنب "الركود التضخمي" على غرار ما حصل في السبعينيات.
وألقى جونسون باللوم على الحرب في أوكرانيا لأنها "أوقفت خطط التعافي من فيروس كورونا، كما بددت الآمال في أي تخفيضات ضريبية مبكرة أو زيادة الإنفاق لمساعدة العائلات المتعثرة".
توقف النمو الاقتصادي
وتشير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، في تقريرها عن أداء الاقتصادات الرئيسية، إلى أن معدلات التضخم في بريطانيا التي ارتفعت بنسبة كبيرة إضافة إلى زيادة الضرائب التي تفرضها الحكومة البريطانية، أديتا إلى الضغط الشديد على دخل الأسر والشركات، وأن ذلك الضغط سيزداد العام المقبل 2023.
ونتيجة انكماش الدخول سيصبح النشاط الاقتصادي في بريطانيا في حال من الضعف وذلك يعني عدم النمو العام المقبل.
كما تشير التقديرات الواردة في تقرير المنظمة إلى أن الاقتصاد البريطاني على حافة الركود بالفعل، وعلى الرغم من انخفاض نسبة البطالة فإن تلك النسبة هي نتيجة نقص العمالة بسوق العمل في بريطانيا بشكل يهدد بمزيد من ضعف النشاط الاقتصادي.
ونتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب ستضطر الأسر البريطانية إلى استنزاف مدخراتها أو اللجوء للاقتراض وزيادة ديونها، وحال استمرار أزمة الطاقة في أوروبا نتيجة العقوبات الأوروبية على واردات الطاقة من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، ستواصل معدلات التضخم الارتفاع، ويقدر التقرير أن تزيد على 10 بالمئة بنهاية هذا العام، وأن ترتفع أكثر خلال العام المقبل، وفق التقرير.
الأشد وطأة
وقالت الخبيرة الاقتصادية جوليت شور، إن وضع الاقتصاد البريطاني فريد من نوعه بين الاقتصادات الغنية من حيث تضافر العوامل السلبية، مثل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة سعر الفائدة والضرائب.
وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "معدلات التضخم في بريطانيا مرتفعة جداً مقارنة بدول مجموعة الـ20 بسبب رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم المرتفع، كما أن هناك تقشفاً مالياً هو الأشد وطأة، إضافة إلى تأثر التصنيع بمشكلات سلاسل التوريد العالمية، فضلا عن تأثير قانون "بريكست".
وتضيف شور أن تدهور وضع الاقتصاد البريطاني يرجع أيضا إلى تبعات العقوبات الاقتصادية وارتفاع أسعار الطاقة مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وتابعت: "ارتفع التضخم بشكل حاد في أبريل، مدفوعاً بالزيادة الحادة في تكلفة الكهرباء والغاز مع دخول رفع سقف الأسعار حيز التنفيذ".
ويقول محافظ بنك إنجلترا المركزي أندرو بيلي إن أزمة ارتفاع معدل التضخم وتكلفة المعيشة تعرقلان الاقتصاد البريطاني، وسوف يضع صناع السياسة النقدية في البنك المركزي هذه الحقيقة في الحساب عندما يتخذون قرارهم بشأن زيادة أسعار الفائدة، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" للأنباء.
كانت البيانات الاقتصادية الصادرة الأسبوع الماضي أظهرت ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا خلال مايو بأسرع معدل له على الإطلاق.
ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار فواتير الطاقة، والتي ارتفعت بنسبة 54 بالمئة بالنسبة للأسر العادية من أبريل الماضي.
وشهدت بريطانيا، الإثنين الماضي، إضرابا لعمال السكك الحديد والبحرية والنقل، واجه فيه آلاف الركاب صعوبات في التنقل وامتدت الطوابير في الشوارع، وفقًا لوسائل إعلام بريطانية.