طالب القائد الأعلى لقوات "الناتو" في أوروبا كريستوفر كافولي بوجود نهج كامل في التعامل مع الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية، والذي يهدد بنقص الغذاء العالمي واستمرار الاضطرابات السياسية حول العالم.
وأضاف كافولي، في تصريحات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن مشكلة تصدير الحبوب لم تعد أزمة أوكرانية فحسب، بل أزمة عالمية أيضًا، خاصة أن أوكرانيا تصدر نحو 10 بالمئة من القمح العالمي، وسيبدأ حصاد القمح بنهاية شهر يونيو الجاري.
ومع سيطرة روسيا أو إغلاقها فعليا لجميع موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، توقفت شحنات الحبوب من أوكرانيا منذ بدء العملية العسكرية في 24 فبراير الماضي والتي أتمت يومها الـ100.
كرة الاتهامات
عرقلت العملية العسكرية صادرات أوكرانيا من القمح والسلع الأخرى، مما أضر بالمستهلكين مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة في أفقر دول العالم، كما أصبح العالم مهددا بأزمة غذاء طاحنة وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
في السياق، يقول الباحث في شؤون العلاقات الخارجية محمود الخليفي: "كرة الاتهامات حول أزمة الغذاء يتم نقلها من الملعب الروسي تارة للملعب الأوكراني الأوروبي تارة".
وتابع: "يقول الغرب إن روسيا هي السبب المباشر في الأزمة لقيامها بالهجوم على أوكرانيا مما منع تصدير الحبوب والزيوت إلى باقي دول العالم، فيما تلقي موسكو بالتهمة على الغرب بسبب فرضه العقوبات عليها".
ويُضيف الخليفي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الوضع العالمي، يضع كثيرا من البلاد على حافة الكارثة، خاصة لأن ثلث صادرات القمح حول العالم يأتي من روسيا وأوكرانيا، بخلاف وجود مشكلة كبرى وهي دخول موسم الحصاد، ما يعني أن يستحيل الحصاد في ظل العمليات القتالية في الكثير من المناطق.
وأوضح الباحث في شؤون العلاقات الخارجية، أنه بالنظر إلى الأرقام الرسمية نجد أن معدل صادرات الحبوب من أوكرانيا تراجع لأكثر من النصف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
الجانب الروسي الذي يواجه الاتهامات الدولية بالتسبب في أزمة غذاء عالمية، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، قائلًا إنّه "لا توجد أي مشكلات في شَحن الحبوب من أوكرانيا"، مضيفاً أنّه يمكن "تصدير الحبوب من أوكرانيا عبر رومانيا وبولندا".
وأكد بوتن، في تصريحاته، أنّ "روسيا مستعدة لضمان أمن صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا، وموانئ بحر آزوف".
وأشار الرئيس الروسي إلى أن "سفن نقل الحبوب تستطيع العبور من دون مشاكل إذا قامت أوكرانيا بتطهير الموانئ من الألغام"، لافتاً إلى أن "روسيا لن تقوم بشن هجمات من البحر في أثناء إزالة الألغام".
الموانئ
وفي ظل تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي العالمي بسبب الصراع، أكد أمين عوض، منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة في أوكرانيا، أن المنظمة تبذل قصارى جهدها لتأمين الإفراج عن صادرات الحبوب العالقة في موانئ أوكرانيا على البحر الأسود.
وسلط عوض الضوء على الصعوبات المرتبطة بالتجارة الدولية مع روسيا على الرغم من عدم وجود عقوبات على الصادرات الإنسانية من المواد الغذائية والأسمدة من البلاد.
وأوضح المسؤول الأممي أن نحو 1.5 مليار شخص "يحتاجون إلى هذا الغذاء والأسمدة" حول العالم، مضيفا أنه يأمل في أن تسير المفاوضات بطريقة سلسة وينتهي فرض الحصار على الموانئ بأسرع وقت ممكن حتى يتسنى استئناف تصدير الأسمدة والأغذية قبل أن نواجه أزمة أخرى.
وهنا يقول الجنرال الروسي السابق ألكسندر أرتاماتوف، إن هناك سلاحا يستخدمه الغرب ويسوق له وهو "الفزاعة من المجاعة" فمن يعطل تصدير الحبوب هو العقوبات التي تفرض على روسيا لمحاولة عزلها عن العالم.
وأضاف أرتاماتوف، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الغرب يسعى إلى أن تضغط دول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا الأكثر حاجة للقمح على روسيا لتنسحب من أوكرانيا، لكن موسكو لا تقف عائقا على حد وصفه، بل لا بد من رفع العقوبات.
وتساءل الجنرال الروسي، كيف يتم تصدير الحبوب في ظل تلك العقوبات الهيستيرية، حيث تجرى التبادلات التجارية والمعاملات المالية عبر نظام "سويفت" العالمي، التي قامت أوروبا وواشنطن بفصل موسكو عن طريق العقوبات عن ذلك النظام فكيف يتم تصدير تلك الحبوب وغيرها من الأسمدة.
أزمة تصدير الحبوب من الموانئ أرجعتها روسيا أيضًا إلى الألغام التي تزرعها أوكرانيا مما يُعيق سير سفن الشحن، حيث طالبت موسكو تطهير كييف لتلك الموانئ من أجل استئناف التصدير مع ضمان توفير حماية لتلك الممرات.
وتسهم روسيا وأوكرانيا بنحو ثلث إمدادات القمح العالمية، في حين أن روسيا هي أيضا مُصدر عالمي رئيسي للأسمدة وأوكرانيا مُصدر رئيسي للذرة وزيت دوار الشمس.