تتجه الحكومة العراقية إلى استقطاب استثمارات جديدة ومتنوعة في قطاعات النفط والطاقة، بينما تسعى إلى زيادة الإنتاج وتطوير البنية التحتية لصناعة النفط، ضمن خطتها لتصدير 8 ملايين برميل نهاية العام 2027.
وتعد الصين من أكبر المشترين للخام العراقي، حيث تمكنت الشركات الحكومية الصينية من إنشاء وضع مهيمن بقطاع النفط العراقي، وهو ما تسبب بقلق لدى حكومة بغداد، التي تخشى من تحول قطاعها النفطي إلى الصينيين، وما يعنيه ذلك، في ظل المنافسة الحامية بين واشنطن وبكين.
لكن الحكومة العراقية وضعت حدًّا فيما يتعلق بالمزيد من الاستثمارات الصينية في حقولها النفطية الكبرى، حيث أبدت تحفظها مؤخرًا على رغبة شركات صينية بشراء حصص داخل السوق النفطية، وعملت بدلًا من ذلك على إجراء مباحثات لتنويع المستثمرين في مجال الطاقة والنفط.
مباحثات مع فرنسا
أجرى وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إسماعيل، مؤخرًا مباحثات في فرنسا وبريطانيا، في محاولة لتأمين المزيد من الاستثمارات في قطاعات النفط والطاقة.
وأعلن إسماعيل أن بلاده عرضت على شركتي "بريتش بتروليوم" البريطانية و"توتال" الفرنسية خططًا جديدة للاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة النظيفة.
وذكرت وزارة النفط، في بيان، أن وزير النفط العراقي أجرى في لندن وباريس مؤخرًا اجتماعات مع الإدارة العليا لشركة "بريتش بتروليوم" البريطانية وشركة توتال الفرنسية ووزارتي الطاقة والاقتصاد الفرنسيتين، وطرح خططًا جديدة للاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة النظيفة.
وقال الوزير العراقي، خلال اجتماعه بالإدارة العليا لشركة "بريتش بتروليوم" البريطانية: "لدينا مشروعات كبيرة، وخططنا مستمرة في مجال الطاقة النظيفة، وشركة بريتش بتروليوم من أهم شركاء العراق، وهي مستعدة لضخ مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة، وبلادنا مفتوحة بهذا الاتجاه ولدينا خطط كبيرة موضوعة على الورق".
وأضاف الوزير العراقي أن بلاده "أبرمت عقودًا مع شركات (سكاتك) النرويجية و(توتال) الفرنسية و(بور جاينا) الصينية و(مصدر) الإماراتية و(أكوا باور) السعودية لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، حيث يعتزم العراق الوصول إلى 20 في المائة من إنتاج الطاقة في البلاد من الطاقة المتجددة والنظيفة، ونعمل على تهيئة بيئة جيدة للاستثمار، ونعمل بالاتجاه الصحيح حاليًّا لتنفيذ خططنا".
وذكر الوزير: "لقد بحثنا في باريس مع الرئيس التنفيذي لشركة توتال باتريك بويانييه برامج وفرص العمل والتعاون المشترك في تنفيذ مشروعات قطاع النفط والطاقة، والاتفاق على توقيتات تنفيذ عدد من المشروعات المشتركة، التي تتضمن مشروع استثمار الغاز المصاحب في عدد من الحقول النفطية في جنوب العراق، ومشروع الطاقة الشمسية، ومشروع تطوير حقل أرطاوي وزيادة الإنتاج، ومشروع نقل ماء البحر لدعم عمليات إدامة وزيادة الإنتاج في الحقول النفطية".
ويرى مختصون أن تعدد الشركات العاملة واختلاف جنسياتها، دليل على أن العراق ما زال يستقطب الشركات العالمية للاستثمار والشراكة معها.
سباق دولي نحو العراق
قال عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي علي عبدالستار إن "فرنسا كان يُفترض بها دخول السوق النفطية العراقية منذ مدة، كما حصل مع الشركات الأخرى الأميركية والصينية وغيرها".
وأكد عبدالستار، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "هناك تسابقًا دوليًّا للعمل في العراق، وهذا حق مشروع لكل الشركات، ونأمل أن تأخذ فرنسا وغيرها فرصتها الحقيقية للعمل في العراق وحقوله،" مؤكدًا أن "العراق سيبقى بيئة جاذبة للاستثمار، والباب مفتوح لكل الشركات الراغبة بالعمل بما يخدم العراق وشعبه".
ويبحث الغرب مع استمرار أزمة النفط الروسي، عن جميع السبل الممكنة لتعزيز إمدادات النفط، حيث فتح الباب عن إمكانية أن يلعب العراق دورًا رئيسيًّا في هذا المجال، لكن قضية مغادرة بعض الشركات الغربية للعراق خلال السنوات السابقة، بسبب المخاوف بشأن البيئة الاستثمارية للبلاد، تسلط الضوء على بعض التحديات في تحقيق استثمارات أعلى في حقول النفط العراقية.
وأحبطت وزارة النفط العراقية، العام الماضي، ثلاث صفقات كان من شأنها إعطاء شركات صينية سيطرة أكبر على حقول النفط بالعراق، والتسبب في نزوح جماعي لشركات نفط عالمية كبرى تريدها بغداد أن تستثمر في اقتصادها، وفقًا لـ"رويترز".
وتمثل التدخلات أيضًا تحولًا في الموقف بعدما فازت شركات صينية بأغلب صفقات الطاقة والعقود الممنوحة خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وبعدما كانت شركات النفط الكبرى تتسابق على دخول حقول النفط العراقية الضخمة بعد 2003، يقول مسؤولون تنفيذيون إن تركيزها يزداد على التحول إلى أنواع طاقة بديلة وصفقات أكثر ربحية في مناطق أخرى، كما أنها تريد شروطًا أفضل من أجل تطوير حقول النفط، حسب "رويترز".
وفي خضم المنافسات الاستثمارية الجديدة، اتخذت بغداد إجراءات لاستعادة سيادتها على إدارة نفطها في نزاع مع حكومة إقليم كردستان شمال العراق، التي رفضت تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بإلغاء قانون النفط للعام 2007 في الإقليم شبه المستقل.
وحذرت وزارة النفط العراقية مؤخرًا شركات النفط الدولية الكبرى التي تنشط في إقليم كردستان العراق من التعاقد مع حكومة الإقليم، بينما ستقوم بغداد بمراجعة تلك العقود مع استعادة السيطرة على كامل حقول النفط في الشمال.
كان وزير النفط العراقي أعلن أن بلاده ماضية في خططها لرفع الطاقة الإنتاجية للنفط الخام إلى ثمانية ملايين برميل يوميًّا بنهاية عام 2027، بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في العراق.
ويملك العراق وهو ثاني دولة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، احتياطيات هائلة من النفط، وخلال السنوات العشر الماضية مثلت إيرادات النفط 99 بالمئة من إجمالي صادرات العراق و85 بالمئة من الموازنة العامة للبلاد.