يحمل مشروع قانون الاستثمار الجديد رهانات عديدة للاقتصاد الجزائري، فيما تعول السلطات على هذا الإطار القانوني في تحريك عجلة الاستثمارات المحلية والأجنبية وتحرير روح المبادرة بهدف الوصول إلى تحقيق الإقلاع الاقتصادي.
ويعمل القانون الجديد للاستثمار الذي يعتبر ثمرة نقاشات عديدة على معالجة معوقات (القانون 16- 09 المؤرخ في 03 أغسطس 2016)، خاصة فيما تعلق بكسر حاجز البيروقراطية وتبني مبدأ الشفافية وضمان المساواة بين مختلف المتعاملين وتحفيز الاستثمارات الأجنبية.
قفزة تشريعية
ينتظر المتعاملون الاقتصاديون في الجزائر تصويت البرلمان بغرفتيه على مشروع قانون الاستثمار الجديد بعدما صادق عليه مجلس الوزراء خلال اجتماع خاص، ترأسه الرئيس عبد المجيد تبون، الخميس الفارط، ويشكل هذا المشروع وفق مراقبين "قفزة تشريعية" في مجال تنظيم وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار.
ويواصل هذا المشروع التشريعي بحلته الجديدة خلق نقاش متواصل داخل الدوائر الاقتصادية بالجزائر حول الفرص والضمانات التي ستعمل بنوده وتدابيره المختلفة على تحقيقها للمتعاملين المحليين والأجانب.
وكنظرة أولية حول الخطوط العريضة التي يحملها المشروع الجديد، يرى رئيس المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير، أمين بوطالبي أن هذا "القانون من الناحية النظرية مميز وجذاب بحيث أنه يضبط شفافية التعاملات وسهولة الإجراءات من دراسة ملف المستثمر إلى غاية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال".
فيما أشار أمين بوطالبي في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" إلى أن "التحدي الأساسي لهذا القانون في نزع الضبابية التي كانت تلف نظرة المتعاملين فيما قبل"، داعيا الإدارة إلى مرافقة ما جاء به على أرض الميدان لأنه قانون يؤسس لمنظومة تشريعية ضامنة لحقوق المستثمرين.
وبحسب المحلل الاقتصادي والخبير في الاستثمارات، عبد القادر سليماني فإن قانون الاستثمار الجديد "يحمل عدة رهانات من أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي والذهاب إلى تنمية شاملة ومستدامة".
وفي حديث مع "موقع سكاي نيوز عربية" أكد الخبير عبد القادر سليماني أن "18 نقطة من القانون تؤسس لتحرير الاستثمار من البيروقراطية والسلطة الإدارية كما يوفر حماية قانونية للمستثمرين".
وبخصوص وضعية المستثمرين الأجانب في القانون الجديد ومدى قدرته على استقطاب ملفاتهم، أكد سليماني أن المشروع "جذاب للمستثمرين الأجانب مقارنة بالقانون الساري المفعول"، كما أن إنشاء الشباك الموحد يعتبر خطوة لتسهيل واستمالة الاستثمار الأجنبي.
وأشار المتحدث إلى بعض التفاصيل التي لم يشر إليها المشروع القانوني الجديد وفق رؤيته من بينها "المناطق الحرة الاستثمارية" التي أكد أنها "خطوة براغماتية يمكن أن تلجأ إليها الحكومة لتشجيع الاستثمار مع شركائها الأجانب".
من جانبه، اعتبر عضو لجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني، البرلماني عبد القادر بريش أن مشروع القانون الجديد حمل العديد من المحاور التي أكدت "إبعاد البيروقراطية الإدارية عن تسيير الاستثمار عن طريق إجراءات تسهيلية لصالح المستثمرين".
ويرى البرلماني بريش في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "قانون الاستثمار الجديد سيكون قاطرة لإصلاحات تشريعية مرفقة، وهو في حاجة لقانون العقار مع تسريع إنشاء وكالة وطنية للعقار الفلاحي والصناعي وقوانين الإصلاح الجبائي والجمركي والنظام المصرفي لتتلاءم مع البيئة الاستثمارية الجديدة".
أهم محاور القانون
وتركز أهم محاور مشروع قانون الاستثمار الجديد على إعادة تنظيم الإطار المؤسساتي المتعلق بالاستثمار من خلال تركيز مهام المجلس الوطني للاستثمار وتحويل الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ووضعها تحت سلطة الوزير الأول.
وقد تم منح هذه الوكالة دور المروج والمرافق للاستثمارات عبر استحداث شباك وحيد ذي اختصاص وطني للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية وكذا استحداث شبابيك وحيدة، غير ممركزة للاستثمار المحلي، وتعزيز صلاحياتها.
كما سيكون للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار دور في "محاربة البيروقراطية عبر رقمنة الإجراءات المتصلة بعملية الاستثمار عن طريق استحداث المنصة الرقمية للمستثمر"، وكذا التسليم "الفوري" لشهادة تسجيل المشروع الاستثماري، وفق بيان مجلس الوزراء.
تفاعل المتعاملين
وقد عبَّر العديد من المتعاملين الاقتصاديين عن ارتياحهم بعد مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الاستثمار الجديد، مبرزين أنه سيعمل على تحسين مناخ الاستثمار ومكافحة البيروقراطية وجميع العراقيل الإدارية التي كانت تقف عائقا في وجه المستثمرين.
ومن البيانات التي اطلع عليها "موقع سكاي نيوز عربية" ما أصدره الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين من أن النص الجديد "سيساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات الأجنبية وإعطاء قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وبعث الروح في المعاملات التجارية والمالية وخلق مناصب شغل جديدة..".
فيما عبرت "المنظمة الوطنية للتنمية الاقتصادية" عن "ارتياحها" لهذا المشروع القانوني، مشيرة وفق تقديرها إلى أنه "سيسمح بتوفير الظروف المناسبة لتنويع الاقتصاد الوطني"، من جانبه أكد "مجلس تجديد الاقتصاد الجزائري" أن هذا النص الجديد سيساهم في "جذب الاستثمارات" و"خلق قيمة مضافة ومناصب عمل".
ومن أعضاء الطاقم الحكومي، عبّر وزير الصناعة، أحمد زغدار، عن رأيه في مشروع قانون الاستثمار الجديد، بحيث أشار إلى أنه "سيسمح بقدوم شركات كبرى في صناعة السيارات للجزائر وفق نسبة إدماج معتبرة".