تتسارع العوامل الضاغطة على العملة الأوروبية لتدفعها إلى التعادل مع الدولار، ومن أبرزها فروقات سعر الفائدة وعوائد السندات بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، فضلاً عن أزمة إمدادات الطاقة في أوروبا على خلفية النزاع بين روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى التضخم والركود الاقتصادي اللذان يضربان اقتصاد منطقة اليورو.
خلال تداولات الشهر الجاري، تراجع اليورو إلى مستوى1.03499 دولار أميركي وهو المستوى الأدنى خلال عقدين، كما أنه فقد قرابة 7 بالمئة من قيمته مقابل العملة الخضراء هذا العام.
هذه الحركة للعلمتين، تعيد التوقعات باحتمال التعادل في سعر الصرف بين العملة الأوروبية المشتركة والدولار.
آخر عام تداول فيه اليورو تحت مستوى التعادل مع الدولار كان عام 2002 عند مستوى 0.86 لكل دولار ومنذ ذلك الحين لم يتراجع دون مستوى التعادل، وحتى بعد الضغوط الكبيرة التي تعرض لها على وقع أزمة الديون السيادية التي ضربت منطقة اليورو بين عامي 2012 و2015، لم يفقد اليورو تفوقه على الدولار.
تعد فروقات سعر الفائدة وفروقات عوائد السندات من المؤثرات المهمة في حركة رأس المال بين الأسواق المالية، فمثلا بلغ العائد على السندات الألمانية ذات العشرة أعوام 0.945 بالمئة، بينما بلغ العائد على سندات الخزانة الأميركية ذات العشرة أعوام 2.788 بالمئة بحسب إغلاقات الجمعة الماضية. ويعكس الفرق بينهما 184 نقطة أساس، وهذا فرق كبير في سوق السندات.
أما بالنسبة لأزمة الطاقة في الاتحاد الأوروبي، فلها أوجه متعددة، منها ما هو مرتبط بقوانين خفض الانبعاثات الكربونية والانتقال إلى مصادر طاقة صديقة للبيئة، ومنها ما هو متعلق بشبكة الإمداد الناقلة للطاقة من روسيا التي تعرضت لاضطرابات كبيرة بعد الأزمة الأوكرانية، وما تبعه من إعلان روسي عن التسوية المالية بالروبل فقط دون غيره من العملات، ما صعب الأمر على الدول الأوروبية، كما أن واردات الطاقة دخلت ضمن العقوبات المفروضة على روسيا. إضافة إلى كل ذلك، شهدت أسعار الطاقة عالميا ارتفاعا كبيرا منذ الفصل الثاني من عام 2021، وأدت تلك العوامل مجتمعة إلى أزمة في قطاع الطاقة بمنطقة اليورو ودول الاتحاد الأوروبي.
سيكون التضخم في منطقة اليورو أيضا، واحدا من أهم الأمور التي تضغط على سعر اليورو هذا العام، فالتضخم ارتفع في أبريل 2022 للشهر السادس على التوالي في منطقة اليورو إلى 7.5 بالمئة، كما تأثر المؤشر سلبا بارتفاع أسعار الطاقة، فيما قد يدفع استمرار التضخم بالارتفاع البنك المركزي الأوروبي إلى تشديد السياسة النقدية والذي بدوره سيؤثر سلبا على نمو الاقتصاد، وبهذا يمكن أن تكون احتمالات الركود التضخمي في منطقة اليورو هي الأكبر مقارنة مع باقي الاقتصادات، وهذا أيضا عامل إضافي ربما يضغط على العملة الأوروبية الموحدة ويدفعها إلى التعادل مع الدولار.