بعد أن كانت لعقود دولة جاذبة للمهاجرين من أنحاء العالم، باتت نيوزيلندا على ما يبدو "طاردة" للسكان، وسط شكاوى من وضع اقتصادي صعب وارتفاع في تكلفة المعيشة.
فقد كشفت إحصاءات حديثة في نيوزيلندا أن شباب البلاد يقبلون بشكل ملحوظ على الهجرة إلى الخارج، عكس ما هو متعارف عليه بالنسبة للبلد النائي.
وبحسب صحيفة "غارديان" البريطانية، فإن وتيرة الهجرة زادت بعد رفع قيود السفر التي فرضتها سلطات البلاد في وقت سابق، من أجل تطويق وباء كورونا.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء في نيوزيلندا، أن صافي معدل الهجرة كان سلبيا خلال السنة الممتدة حتى مارس الماضي، حيث زاد عدد المغادرين عن القادمين بـ7300 شخصا.
واختلف وضع الهجرة بشكل كبير في نيوزيلندا، حاليا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل كورونا وخلال فترة الإغلاق، ففي العام المنتهي في مارس 2020، وصل فائض الهجرة إلى 91 ألفا و700 شخص، أي أن القادمين كانوا أكثر من المغادرين بعشرات الآلاف.
وذكرت "غارديان" أن الكثير من النيوزيلنديين، لا سيما الشباب وحديثو الخريجين، يهاجرون إلى الخارج، تحت وطأة الوضع الاقتصادي في نيوزيلندا التي تعد من الدول المتقدمة، لكنها شهدت ارتفاعا في معدل التضخم.
وتعاني نيوزيلندا تضخما بلغ 6.9 بالمئة، إلى جانب ارتفاع تكلفة السكن، وغلاء المعيشة والمحروقات والرهن العقاري ومختلف تكاليف الحياة الأخرى.
ويرى الخبير الاقتصادي براد أولسن، أن نيوزيلندا شهدت تحولا كبيرا وغير مسبوق في مسألة الهجرة "فلأول مرة نرى رقما سلبيا"، أي أن عدد المغادرين يفوق عدد القادمين، فيما كانت البلاد تسجل فائضا مهما قبل فترة كورونا بنحو 50 ألفا و60 ألفا في السنة.
وأوضحت " Stats NZ"، وهي هيئة إحصاء تابعة للحكومة، أن هذا الارتفاع ناجم بالأساس عن إقبال الشباب على المغادرة، لا سيما من تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما.
ويخشى خبراء الاقتصاد أن تعاني نيوزيلندا نقصا كبيرا في اليد العاملة، لا سيما أن معدل البطالة منخفض للغاية في البلاد، خلال الوقت الحالي، حيث لا يتعدى 3.2 بالمئة.
ويقول الخبير الاقتصادي أولسن إن هناك صعوبة في إيجاد العمال بالبلاد، وهو ما يعني أن الشركات ستجد نفسها في ورطة حتى تستطيع مواصلة نشاطها بشكل طبيعي.
وفي أبريل، رجحت الحكومة النيوزيلندية أن يقدم 50 ألف شخص على المغادرة خلال السنة المقبلة، لكن الرقم قد يرتفع إلى 125 ألفا في حال غادر شباب كثيرون كانوا يؤجلون سفرهم بعد التخرج، بسبب ظروف كورونا.