بعد جولة جديدة من المحادثات مع صندوق النقد الدولي، دارت هذا الأسبوع للتوصل إلى اتفاق، تقترب تونس من التوصل إلى اتفاق نهائي سعيا لتجاوز الوضع الاقتصادي المعقد.
وتقول وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية إن بلادها تبذل جهودا حثيثة لتسريع الإصلاحات الاقتصادية ووضعها حيّز التنفيذ بالتشاور مع شركائها من المنظمات الوطنية سعيا لتجاوز الوضع الاقتصادي الصعب، الذي تعيشه الدولة منذ سنوات، وزادته سوءا أزمة وباء كورونا وتداعيات حرب أوكرانيا.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجوفيا، إن "المحادثات الجارية بين الصندوق والحكومة التونسية تسير بنسق مُرض إلى حد ما وهي تنبئ بقرب التوصل إلى اتفاق نهائي، إلا أن المؤسسة المالية الدولية تحتاج لمزيد من الوقت لفهم طبيعة الإصلاحات التي ستنفذها حكومة نجلاء بودن، وبناء على ذلك سيحدد الصندوق موقفه من دعم تونس خاصة فيما يتعلق بالدين الخارجي".
يذكر أن صندوق النقد الدولي يشترط على الحكومة التونسية إصلاحات تتعلق بالمالية العمومية وتخفيض كتلة الأجور وإعادة هيكلة المؤسسات العامة ومراجعة منظومة دعم المواد الأساسية وتحسين مناخ الأعمال، بينما تحتاج تونس حسب قانون المالية لسنة 2022 إلى تمويلات خارجية تقدر بـ12 مليار دينار، منها 4 ملايين دينار من صندوق النقد.
وعرض الوفد التونسي خلال اجتماعات الربيع مع صندوق النقد الدولي، ممثلا بوزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد وعدد من الخبراء، أبرز ملامح البرنامج الإصلاحي الاقتصادي للحكومة التونسية وخطتها لمجابهة الصعوبات المالية والاجتماعية في البلاد.
مؤشرات إيجابية ومبشرة
وأوضح الخبير الاقتصادي آرام بلحاج، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الاجتماعات الدورية مع صندوق النقد الدولي تقترب من اللقاءات السياسية الديبلوماسية، رغم مشاركة وفود تقنية في الاقتصاد والمالية من أعلى طراز، "غير أنها لا تناقش في الغالب برامج الدول التي في طور إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مثل تونس".
وأضاف الخبير الاقتصادي أن تنقل الوفد التونسي إلى واشنطن يعد مؤشرا هاما وفرصة لدعم البرنامج الإصلاحي للحكومة وتفسيره وتوضيح آلياته، فضلا عن وجود مؤشرات إيجابية على المستوى التقني من جانب الحكومة التونسية ومن جانب الصندوق تبشر بالاقتراب من الاتفاق، حيث أن المفاوضات التقنية كانت إيجابية وسيمر الجانبان إلى التفاوض حول آليات الإصلاح ثم حول المبلغ المقرض لتونس ورزنامة الخلاص.
وقال بلحاج إن الأخبار التي رشحت من كواليس المباحثات التقنية تشير إلى تناغم بين الفريقين رغم وجود صعوبات في التفاوض بخصوص النقاط المتعلقة بكتلة الأجور والمؤسسات العمومية.
وتوقع الخبير الاقتصادي أن يعطي رئيس الجمهورية قيس سعيد الضوء الأخضر قريبا بخصوص الالتزام بالإصلاحات المطلوبة، مشيرا إلى أنها يمكن أن تمر عبر إصلاح الوظيفة العمومية دون خصخصة المؤسسات العامة ومراجعة منظومة الدعم برؤية تونسية دون رفعه كليا عن الفئات الاجتماعية الهشة.
ورجح بلحاج أن "النجاح في المهمة رهين جهود فريق تقني يقدم رؤية تونسية للإصلاح تراعي الجانب الاجتماعي وتحد من انخراط المالية العمومية"، مشددا على أن تقدم المفاوضات التقنية يجب أن ترافقه إيجابية واستقرار على المستوى السياسي والدبلوماسي "لأن قرار إبرام الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي يبقى رهين القرار السياسي لمجموعة البلدان الموجودة في مجلس إدارته".
وأضاف الاقتصادي آرام بلحاج أن تونس بإمكانها أيضا الإستفادة من صندوق الصمود والاستدامة الجديد الذي أعلنت عنه مديرة صندوق النقد الدولي وهو فرصة لدعم مواردها عبر الحصول على 1.5 مليار دولار لتنفيذ ميزانية 2022 والمضي في طريق الإصلاحات.
في المقابل، يستبعد مراقبون وصول تونس إلى اتفاق وشيك مع صندوق النقد الدولي بسبب المناخات الاجتماعية والسياسية التي مازالت مشحونة وتثير المخاوف بشأن تطبيق أي اتفاق مع المنظمات المالية المانحة.
وتدور مفاوضات تونس للحصول على قرض جديد في ظل وضع اقتصادي واجتماعي صعب ومؤشرات إقتصادية سلبية، بعد أن تم التخفيض في الترقيم السيادي للبلاد من قبل وكالة التصنيف "فيتش رايتنغ" إلى "سي سي سي" سلبي.
وأشارت بيانات معهد الإحصاء الحكومي إلى بلوغ نسبة التضخم في مارس الماضي 7.2 بالمئة، مما يضع الإصلاح المالي والاقتصادي على رأس القضايا العاجلة في البلد.