اتخذت مصر للمرة الأولى خطوة نحو تنظيم عمل الوسطاء التجاريين والعقاريين، أو ما يعرفون باسم "السماسرة"، عبر قانون يُعرّف هذه المهنة على وجه التحديد ويضع ضوابط للعمل بها، مع إقرار عقوبات رادعة للمخالفين.
فقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بالقانون رقم 21 لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 120 لسنة 1982، لتنظيم أعمال الوكالة التجارية وبعض أعمال الوساطات التجارية والعقارية.
وكان مجلس النواب بالمصري قد وافق على تعديلات القانون نهاية مارس الماضي، حيث قدمته الحكومة إلى البرلمان للمناقشة.
وقالت الحكومة إن "أهم أهداف القانون مواجهة التوسع في عمل كل من الوكالات التجارية والوساطة التجارية والعقارية، باستحداث قواعد جديدة تنظم الحالات التي حدثت بها تطورات كثيرة تستلزم إعادة تنظيمها بشيء من التفصيل، وذلك بهدف تقرير أحكام وضوابط موضوعية وإجرائية تسهم في إحكام الرقابة على تلك الأنشطة، التي توسعت بشكل كبير خاصة نشاط الوساطة العقارية".
ويلزم القانون وزارة التجارة والصناعة بإنشاء سجل لفئة سماسرة العقارات، ويتوجب على من يشتغل بهذه المهنة التسجيل فيه.
وحسب القانون، فإن "السمسار العقاري هو كل من قُيد بالسجل المنشأ لهذا الغرض ويقوم بأعمال السمسرة أو السعي لإبرام العقود المتعلقة بالعقارات والأراضي المبينة أو الفضاء، سواء أعمال شرائها أو بيعها أو تأجيرها أو التوسط".
كما يشترط القانون فيمن يعمل بمهنة السمسرة العقارية ألا يكون مدرجا بقوائم الإرهاب، ويفرض على السمسار أيضا إتمام جميع معاملاته بطريقة الدفع غير النقدي، وقيد جميع معاملاته في سجل مخصص لهذا الغرض وتقديمه للجهات المختصة.
ونص القانون على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من مارس مهنة الوكالة التجارية أو قام بعمل من أعمال الوساطة التجارية أو الوساطة العقارية، أو أنشأ أو أدار منشأة للقيام بأحد الأغراض المتقدمة، من دون أن يكون مقيدا بالسجلات المشار إليها في القانون، فضلا عن الحكم بحرمان مرتكبها من مزاولة النشاط لمدة لا تجاوز سنتين، وغلق المنشأة لمدة مساوية لمدة الحرمان من مزاولة النشاط".
وحسب ديباجة القانون المقدمة من الحكومة لمجلس النواب، فإنه جاء "استجابة للظروف التي رصدت وأظهرها الواقع العملي وبما يحقق توجه الحكومة بشأن مواجهة الفوضى التي تفشت في السوق العقارية المصرية، حيث يحظر مزاولة نشاط الوساطة العقارية إلا على المقيدين بالسجل المنشأ لهذا الغرض حتى تتوقف آلاف القضايا من النصب والاحتيال التي يدفع ثمنها المواطن المصري وحده".
كما يواجه القانون عمليات غسيل الأموال، حيث "يعد نشاط الوساطة العقارية أحد أكبر الأنشطة التي تستغل في هذه العمليات" بحسب الحكومة، التي أكدت كذلك أن القانون "يلبي توجهها حو الرقمنة واعتماد وسائل الدفع الإلكتروني كأداة مهمة للوفاء بالمستحقات المالية في أنشطة الوكالات التجارية وأعمال الوساطة التجارية والعقارية، بالإضافة إلى استحداث سجلات إلكترونية لقيد الوسطاء العقاريين بما يحقق أكبر قدر من الحوكمة لأنشطتهم".
وفيما رأي البعض أن القانون يخدم شركات السمسرة العقارية الكبيرة على حساب صغار السماسرة الذين يعملون بشكل فردي، فإن عضو غرفة مواد البناء باتحاد الغرف المصرية ناصر شنب قال إن هذا القانون الجديد قد يكون شابه التسرع بعض الشيء، لكن "العبرة في النهاية بالنتائج، وسننتظر حتى الحكم على التطبيق العملي للقانون، لأن الدولة بالقطع لديها دراسة كاملة لظروف السوق قبل إصدار قانون مؤثر كهذا".
وأوضح شنب في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحكومة تهدف من وراء القانون لخلق مجتمع ضريبي شامل يدخل تحت ظله جميع المعاملات المالية التي تتم في السوق، فالعديد من سماسرة العقارات يحصلون على أموال طائلة لا تسجل، ولا يدفعون عنها ضرائب.
وأكد أن القانون كذلك يواجه "مجتمع بير السلم" في السوق العقارية حسب تعبيره، الذي "أضر هذا القطاع بشدة ونتجت عنه عمليات نصب كبرى، مما أثر على صورة المطور العقاري".
وطالب شنب الدولة بالمرونة في التطبيق الأولي للقانون "حتى لا تحدث صدمة للسوق تؤدي على توقف عمليات البيع بالكامل، فلا بد من إعطاء مهلة لكل العاملين في المجال بتوفيق أوضاعهم وفق القانون الجديد".