رغم تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد والتجارة على مستوى العالم بأسره، سجلت الصادرات المغربية في السنتين الأخيرتين انتعاشا أسرع من المتوقع، مدعومة بعلامة "صنع في المغرب".
وبشكل يعكس الدينامية الاقتصادية المهمة في المملكة المغربية، لوحظ خلال عام 2021، زخم في هذه الصادرات نحو الخارج، بارتفاع يقترب من 24 بالمئة، مقارنة مع عام 2020.
وتتميز الصادرات المغربية بتنوعها، بين منتوجات زراعية وبحرية، وأخرى صناعية على غرار قطاع السيارات والطيران، وأخرى مرتبطة بالصناعة التقليدية، وغيرها مثل صادرات الفوسفاط ومشتقاته.
انتعاش ودينامية مستمرة
في عرض عام حول "وضعية الصادرات" قُدّم أمام مجلس الحكومة الخميس، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية فتاح العلوي، أن صادرات بلادها ارتفعت في عام 2021 بنحو 24 بالمئة مقارنة بالعام 2020.
وأفادت العلوي، بحسب بيان لرئاسة الحكومة المغربية، أن "حجم الصادرات المغربية بلغ ما يزيد عن 326 مليار درهم، بارتفاع 24.3 بالمئة، مقارنة بعام 2020".
كما تشير المؤشرات إلى انتعاش أسرع من المتوقع بعد كوفيد-19، باعتبار صادرات المملكة واصلت نفس الدينامية خلال الشهر الأول من العام الحالي الذي سجل تطورا بـ23 بالمئة مقارنة بنفس الشهر من عام 2021.
تنوع في الصادرات المغربية
ويرى الباحث في التجارة الدولية مصطفى الخياطي، أن "الصادرات المغربية تتنوع عموما بشكل كبير، إذ ترتكز على القطاعات الحيوية للاقتصاد المغربي، وهي: قطاع السيارات، وقطاع الفوسفاط ومشتقاته، وكذا قطاع النسيج، والإلكترونيك، ثم الصناعات التقليدية".
وبشكل أكثر دقة، "فقد استمرت صادرات السيارات في الارتفاع بقيمة 15 في المئة مقارنة مع سنة 2021، أي ما يمثل نحو 83.8 مليار درهم"، يقول الخياطي لـ"موقع سكاي نيوز عربية".
وأضاف الباحث في التجارة الدولية أن " الإحصائيات تشير إلى تطور الصادرات المغربية في قطاع الفوسفاط، إذ سجلت قيمة 79.9 مليار درهم بسبب ارتفاع الأسعار الدولية، فيما حققت صادرات النسيج خلال السنة الماضية قيمة 36.3 مليار درهم، مسجلة ارتفاعا بلغ قيمة 21 بالمئة".
سياسة الانفتاح وتعزيز الحضور
ويعزى ارتفاع الصادرات المغربية إلى "اتفاقيات التبادل الحر المعتمدة من قبل المغرب"، وفق الباحثة في الاقتصاد سارة الطالبي.
وأوضحت الطالبي، في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن ذلك يدخل في إطار سياسة الانفتاح الممنهجة من طرف المملكة منذ مدة ليس بالقصيرة، بغية تعزيز حضورها في الساحة الاقتصادية الدولية".
من جهته، يربط الباحث في التجارة الدولية مصطفى الخياطي، تنامي الصادرات المغربية "بتنويع المملكة لترسانة الشركاء، وتوجيه الصادرات المغربية نحو الشركاء الأفضل، في إطار الاستراتيجية الوطنية لضمان وصول العرض المغربي للخارج، مع تعزيز الصادرات المغربية تحت علامة صنع في المغرب".
علامة صنع في المغرب
وقد مكنت هذه العلامة التجارية من تعزيز صادرات المملكة المغربية في مختلف أقطار العالم؛ خصوصا وأن "صنع في المغرب ساهمت في خلق علامات جديدة في قطاع النسيج، بل أضحت تلعب دورا مهما في التسويق مع مختلف شركاء المغرب"، يسجل الخياطي.
ونبه المتحدث ذاته إلى أن "هذه العلامة كان لها أثر كبير خصوصا مع جائحة كورونا، إذ كانت الدول مطالبة بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الكفاءات المحلية، والجميع شهد كيف استطاع المغرب أن ينتج عدة منتجات، بل ويساهم في تصديرها للخارج محققا قيمة مضافة مهمة".
الحد من العجز التجاري
وتتوخى الحكومة المغربية من هذا الزخم في الصادرات نحو الخارج، الوصول "للحد من العجز التجاري للمملكة، من خلال توفير العملة الأجنبية، وتسديد الالتزامات الخارجية"، تؤكد الباحثة في الاقتصاد سارة الطالبي.
وتعتقد الطالبي أنه "لا يمكن أن يتم ذلك إلا بتوسيع مجال الاستفادة من الأفضلية الوطنية، وحكامة المنافسة، لضمان انتعاش الاقتصاد الوطني للمملكة وجعلها قوة اقتصادية مستقبلا".
من جانبه، دعا الخبير في التجارة الدولية نبيل بوبراهيم، إلى "استغلال هذا الانتعاش بدعم الشركات التي تقف وراء هذه الصادرات بصورة منتظمة وقوية، لكي تستمر في إنتاج مواد ذات قيمة مضافة والبحث عن أسواق جديدة".
وقال بوبراهيم، في اتصاله بـ"موقع سكاي نيوز عربية": "هذه مناسبة للدخول إلى أسواق جديدة وبمنتوجات جديدة لتعويض المنافسين؛ لأن المغرب في حاجة إلى التوازن بين قيمة الصادرات والواردات لمساعدة الميزان التجاري على تجاوز ضعفه".
وشدد الخبير في التجارة الدولية، على أن "ما يهم هو الاستمرارية في التصدير للحد من عجز الميزان التجاري، باعتبار ما أعلنت عنه الحكومة يبقى ظرفيا ويتعلق بالأشهر الأولى فقط من السنة الحالية".
لذلك "إذا واصلت الصادرات ارتفاعا مهما على طول هذه السنة، وتفوقت على واردات المملكة يمكن القول حينها بأن المغرب يمكنه الحد فعلا من عجز الميزان التجاري"، يردف المصدر نفسه.