تزداد الأزمة التي يعيشها اليمن خطورة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المشتعلة، حيث فاقمت ميليشيات الحوثي من معضلتي النفط والقمح، وسط تقارير دولية تحذر من شبح مجاعة قد تضرب البلاد قريبا.
وكانت الكارثة الأكبر التي حلت باليمنيين هي زيادة سعر الوقود 4 مرات متتالية خلال عام، وللمرة الثالثة خلال شهر واحد، من جراء احتكار الميليشيات للبيع بالسوق السوداء.
كما ضرب هذا البلد موجة غلاء فاحش قبيل شهر رمضان، وسط مخاوف من التضخم الحاد وتراجع قيمة الريال اليمني بسبب الأزمة الأوكرانية والحرب الحوثية.
وتتهم الحكومة اليمنية ميليشيات الحوثي بتعمد إشعال أزمات الوقود، عبر حظر إمدادات النفط عن طريق البر إلى مناطق سيطرتهم، بما يقدر بين 6 إلى 10 آلاف طن يوميا.
وبحسب تقارير يمنية، فإن الميليشيات تحتجز ناقلات الوقود بمداخل محافظة الجوف التي تضربها أزمة مشتقات ووقود خانقة، بينما تنتشر الأسواق السوداء في مناطق سيطرتها، حيث تزيد أسعاره 3 أضعاف عن السعر الحقيقي.
والأربعاء أعلنت شركة النفط اليمنية عن تسعيرة جديدة للوقود في مناطق سيطرتها، للمرة الرابعة منذ مطلع العام الجاري.
ورفعت شركة النفط في العاصمة المؤقتة عدن، سعر اللتر الواحد من البنزين إلى 1110 ريالات (أقل من دولار واحد)، بعد أن كان السعر السابق 1040 ريالا، لتصل قيمة الغالون الواحد سعة 20 لترا إلى 22200 ريال، أي نحو 18 دولارا.
وأوضحت الشركة الحكومية في بيان، أن "هذه الزيادة نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية إثر الحرب الأوكرانية، وتراجع الريال اليمني أمام العملات الأجنبية".
ويقول رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، إن "الأزمة الاقتصادية تسحق اليمنيين وتفوق قدراتهم، مع نفاد إمكاناتهم المالية في سنوات الحرب"، معتبرا أن الدعم الإنساني الدولي "نافذة أمل" لهم.
وكشف في بيان حكومي عن افتقار 17 مليون يمني للأمن الغذائي، مضيفا أن "الخسائر الاقتصادية تقدر بمليارات الدولارات"، وأن "مبادرات السلام تصطدم بتعنت الميليشيات الإرهابية".
ويقول المحلل السياسي يحيي جميح إن "ميليشيات الحوثي تخلق ندرة مصطنعة في الوقود، بهدف إجبار التجار على بيعه في السوق السوداء التي يديرونها لجمع الرسوم غير القانونية المفروضة على المبيعات، دون الاكتراث إلى التأثير المباشر لذلك على الوضع الإنساني".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الميليشيات شيدت شركة تعرف بـ"دروب الاتحاد"، تمارس مهام شركة النفط في صنعاء، وتمنح بعض الحوثيين امتيازات خاصة بالأسعار وتراخيص للعبور، وهي شركة موازية للسيطرة على حركة المشتقات النفطية.
ويتابع: "هذه الشركة هي المتحكم الرئيسي في أي قرار يخص الوقود، خاصة في مناطق سيطرة الانقلابيين".
كما يؤكد جميح على أن اليمن "خاسر كبير من الحرب في أوكرانيا بسب ممارسات الحوثيين، والتحكم في سعر المشتقات النفطية، فضلا عن أزمة توريد القمح، حيث تستورد البلاد أغلب القمح من الخارج بخاصة من روسيا وكرانيا.
شبح الجوع
ويستورد اليمن ما يقارب كل القمح الذي يحتاج إليه، ويأتي أكثر من ثلثه من روسيا وأوكرانيا، كما يعتمد بشكل كبير على الخبز الذي يشكل أكثر من نصف السعرات الحرارية التي تتناولها الأسر العادية بالبلاد.
كما يستورد سلعا غذائية وأساسية عديدة من أوكرانيا، سواء عبر مؤسسات تجارية يمنية أو من خلال المنظمات الإغاثية التي توزعها على النازحين والمتأثرين من حرب ميليشيات الحوثي في اليمن.
وحسبما أفاد برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي، فإن أزمة أوكرانيا ستزيد على الأرجح من أسعار الوقود والغذاء، خاصة الحبوب، في اليمن.
ومنذ أشهر، تشكو الأمم المتحدة نقصا حادا في تمويل العمليات الإنسانية في اليمن، مما أدى إلى تخفيض حجم المساعدات لملايين السكان.
كما حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مؤخرا، من أن النزاع في أوكرانيا قد يؤدي إلى تقلص إمكانية وصول اليمنيين لاحتياجاتهم الأساسية.
ورجحت اللجنة في تقرير لها، أن يفضي هذا النزاع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا سيما تكلفة الحبوب، بالإضافة لارتفاع أسعار الوقود في أنحاء العالم.
ويقول المختص في الشأن الاقتصادي اليمني ماجد الداعري، إن "اليمن يعتمد على القمح والزيوت من أوكرانيا، كما يعتمد على القمح الروسي بنسبة تصل إلى 25 بالمائة".
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية": "العقوبات بحق البنوك الروسية قد تتسبب في إيقاف الواردات الغذائية من القمح والشعير والزيت والحبوب ومشتقات والنفط، ومواد غذائية عدة للبلاد".
منع تصدير منتجات
وللتحكم في الأسعار، أصدر وزير الصناعة والتجارة اليمني محمد الأشول، الأربعاء، قرارا بحظر تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية خلال شهر رمضان، بعد وصول أسعارها لمستويات قياسية محليا.
وارتفعت أسعار الخضراوات والفواكه والمواشي في الأسواق اليمنية تزامنا مع موجة غلاء ضربت معظم السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية في البلاد، بسبب حرب الحوثيين، فضلا عن تداعيات الأزمة الأوكرانية.
ويعد حجم الصادرات الزراعية في اليمن متواضعا، إذ يتراوح ما بين 3 إلى 5 بالمئة من صادرات البلاد، وغالبيته تذهب إلى دول الخليج العربي ودول القرن الإفريقي.
وتشمل المنتجات الزراعية المصدرة من الفواكه المانغو والعنب والموز والبطيخ والحمضيات مثل البرتقال والليمون، إضافة إلى خضراوات أخرى.