تعيش الأسواق السودانية حالة من الارتباك الشديد بعد الانخفاض الكبير لقيمة العملة الوطنية حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا فوق 600 جنيها في السوق الرسمي. وتوقفت حركة بيع العديد من السلع خصوصا الأجهزة الإلكترونية وبعض مواد البناء في ظل صعوبة التنبؤ بما يمكن أن يصل إليه سعر الجنيه حتى على المدى القصير جدا.
وارتفعت أسعار معظم السلع في الأسواق بنسب تزيد عن 30 في المئة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة. ويواجه المستهلكون صعوبة كبيرة في التأقلم مع الأسعار المتصاعدة، مما قلل كثيرا من القدرة الشرائية خصوصا الشرائح الضعيفة.
وأوضح نزار التركي وهو موزع أجهزة إلكترونية في أحد أسواق العاصمة الخرطوم أن العديد من التجار اضطروا لترك السوق والبحث عن مهن وأنشطة أخرى بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها نتيجة عدم استقرار أسعار الصرف في ظل اعتماد الأسواق على الاستيراد لتغطية أكثر من 69 في المئة من احتياجاتها.
وقال التركي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن معظم التجار يلجؤون في مثل هذه الأوضاع لوقف البيع والانتظار حتى تنجلي الأمور، وهو أمر مكلف جدا ويزيد من الأعباء اليومية من رسوم تسيير وخدمات وغيرها.
ووفق مراقبون، فإن السياسات التي اتخذها البنك المركزي السوداني الأسبوع الماضي والتي سمحت للمصارف التجارية بتحديد أسعار الصرف اليومية، أدت إلى مزيد من الانهيار في سعر الجنيه السوداني ورفعت معدلات التضخم المتفاقمة أصلا والتي تخطت 400 في المئة خلال الفترة الأخيرة.
ويعزز فقدان السودان لقنوات التواصل مع مجتمع المال الدولي، إضافة إلى تراجع الإنتاج وزيادة الاعتماد على الواردات، والتناقص الكبير في تحويلات المغتربين توقعات المزيد من التراجع في قيمة الجنيه.
ويعاني الاقتصاد السوداني من أزمات كبيرة بعد التدهور الذي طال كافة القطاعات بسبب الفساد الكبير الذي استشرى خلال فترة حكم عمر البشير التي استمرت منذ 1989 وحتى الإطاحة به في ثورة شعبية في ابريل 2019. وأثرت تلك الأزمات على نعظم الشرائح السكانية.
وشرع السودان خلال الفترة الني أعقبت سقوط عمر البشير في أبريل 2019 في الانفتاح نحو المجتمع الدولي بعد شطب اسمه من قائمة الإرهاب؛ وحصوله على تعهدات بشطب جزء كبير من ديونه البالغة 66 مليار دولار، ووعود بمساعدات تقدر بنحو 3 مليارات دولار؛ لكن المجتمع الدولي أوقف كل تلك التعهدات في أعقاب الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر.