أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، فرض عقوبات جديدة على الشركة التي تقف وراء خط أنابيب نورد ستريم 2، والذي تم بناؤه لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت ألمانيا أن المشروع سيتوقف بعد أن اتخذت روسيا خطوات لنقل قواتها إلى مناطق بشرق أوكرانيا.
وقال بايدن في بيان "اليوم، وجهت إدارتي بفرض عقوبات على شركة Nord Stream 2 AG ومسؤولي الشركات التابعة لها، هذه الخطوات جزء آخر من الشريحة الأولية للعقوبات ردا على تصرفات روسيا في أوكرانيا".
وأضاف بايدن: "من خلال أفعاله، قدم الرئيس بوتين للعالم حافزًا ساحقًا للابتعاد عن الغاز الروسي وأشكال الطاقة الأخرى".
فما هي أهمية نورد ستريم 2؟
يقطع "نورد ستريم 2" خمس دول؛ هي (روسيا وألمانيا والدنمارك وفنلندا والسويد) عبر منطقة أوست لوغا في خليج فنلندا، ليمتد في بحر البلطيق ويصل شمال شرق ألمانيا عند مدينة غرايفسفالد، وهو ثاني خط غاز يربط روسيا بشمال ألمانيا، بموازاة مسار الخط الأول الذي بدأ العمل خلال العام 2011، بما يكرس اعتماد برلين بشكل أساسي على واردات الغاز الروسية؛ ذلك أن الخط الثاني -على امتداد 1230 كيلومتر تحت بحر البلطيق- يُضاعف إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا بأسعار منافسة.
ومن المخطط أن ينقل "نورد ستريم 2" ما مجموعه 55 مليار متر مكعب من الغاز إلى ألمانيا (لتتضاعف إجمالي كميات الغاز الروسي إلى ألمانيا وصولاً إلى 110 مليار متر مكعب سنوياً)، ليُنقل الغاز من ألمانيا إلى باقي دول غرب أوروبا عبر شبكة الغاز الطبيعي.
وبلغت تكلفة الخط تقريباً نحو 11 مليار دولار أميركي، وتُديره حصراً شركة "غازبروم" الروسية العملاقة، وشاركت في تمويله خمس شركات؛ على رأسهم شركة "شيل" الهولندية، إضافة إلى "انجي" الفرنسية و"أو. أم. في غروب" النمساوية، جنباً إلى جنب و"يونيبر" و"وينترشال ديا" الألمانيتين.
وفي شهر سبتمبر 2021 تم الإعلان عن الانتهاء من الأعمال التنفيذية للمشروع، لكن الوكالة الألمانية للشبكات علقت المصادقة عليه بالتزامن مع اللغط الكبير المثار حوله، بالنظر إليه كسلاح روسي جديد ضد الاتحاد الأوروبي.
خسائر متبادلة
الخبير في شؤون الطاقة، المهند الهشبول، يقول لسكاي نيوز عربية، إن المخزونات الأوروبية من الغاز هي أفضل حاليا وهناك وفرة فيها، لأن عمليات السحب أقل من المخزون، وربما سببها أن الشتاء هذا العام لم يكن باردا جدا وبالتالي لم يضغط بشكل قوي على مخزونات الطاقة.
وأشار الهشبول، إلى أنه في حال استخدام موضوع الطاقة في الصراعات السياسية فلن يكون هناك أحد في موضع الرابح لأن أوروبا تعتمد بشكل على استيراد الطاقة من روسيا، وحسب بيانات الاحصاء في الاتحاد الأوروبي عام 2019، فهناك 47% من واردات الفحم أتت من روسيا، و27 بالمئة من واردات النفط ومنتجاته، و42 بالمئة من واردات الغاز من روسيا أيضاً، وفي المقابل ستخسر روسيا عشرات المليارات التي تجنيها مقابل تصدير هذه المنتجات للقارة الأوروبية.
مكسب جيوسياسي
ويرى المحاضر بمعهد العلاقات الدولية بجامعة نيجني نوفغورد الروسية، عمرو الديب، إن روسيا تولي اهتماماً كبيراً بمشروع "نورد ستريم 2"؛ لكي يتم ربط سوق الغاز الأوروبية بشكل كامل مع روسيا، ومن أجل زيادة اعتماد أوروبا على روسيا في مجال الغاز، بما يسمح لروسيا بشكل أو بآخر التأثير على بعض الدول الأوربية، وزيادة التعاون الأوروبي الروسي بشكل أوضح.
ويشير المحلل السياسي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن موسكو "تريد زيادة تفاعلها مع دول أوروبا بشكل منفصل، وليس مع الاتحاد الأوروبي ككتلة، والهدف من ذلك تكسير الوحدة الأوروبية لصالح زيادة التعاون الروسي مع الدول الكبرى داخل الاتحاد الأووبي"، موضحاً أن مشروع "نورد ستريم 2" يشكل تعاوناً روسياً ألمانياً صرفاً، ولولا هذا التعاون ما وصل المشروع إلى مراحله النهائية الآن في انتظار بعض التصاريح.
ويعتقد الديب بأنه حال بدء العمل "سيكون ذلك مكسباً جيوسياسياً كبيراً لروسيا والقيادة الروسية"، موضحاً أن "هذا المشروع ليس نقطة خلاف، إنما يأتي من ضمن مناطق الضغط الغربي على روسيا، ذلك أن الولايات المتحدة عندما تريد الضغط على موسكو نسمع منها تصريحات بأنه سيتم إيقاف المشروع وتوقيع عقوبات على الشركات المشاركة فيه.
لكنه يشدد على أن "المشروع وصل إلى مرحلته النهائية، وألمانيا استثمرت فيه أموالاً كثرة وليس فقط روسيا، ولذلك فإن المشروع سيكتمل حتماً لحاجة أوروبا الفعلية للغاز الروسي.. ويبدو أن هناك اتفاقاً ألمانياً روسياً أميركياً لإتمام الأمر في حالة عدم اجتياح روسيا لأوكرانيا، فإذا اجتاحت روسيا أوكرانيا سيكون إيقاف الخط أولى القرارات الغربية التي تتم ضد روسيا.