يشهد القطاع العقاري في لبنان حالة من الركود، إذ انكمشت حركة البيع نتيجة تراجع تداول الشيكات المصرفية كوسيلة للدفع، وبعدما بدأ معظم البائعين يطلبون الدفع إما نقدا بالدولار أو عن طريق حسابات مصرفية خارج البلاد.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، تراجعت حركة البيع والشراء في السوق العقارية، خصوصا أن معظم فئات الشعب لا تملك الدولار النقدي لشراء العقار رغم تراجع أسعاره بأكثر من 50 بالمئة، كما يحتفظ اللبنانيون بدولاراتهم -إن وجدت- تحسبا لأي مفاجأة يمكن أن تحدث في البلاد.
فما حال قطاع العقارات في لبنان اليوم؟ ولماذا يشهد ركودا بعد "الفورة"؟
تاريخيا، ينظر المواطن اللبناني إلى العقار بمثابة الملاذ الآمن له ولعائلته، ولم يكن شراء العقار متاحا يوما لكل اللبنانيين وتحديدا في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية وإعادة الإعمار، نتيجة بقاء العقارات على أسعارها المرتفعة، إذ كانت من نصيب المغتربين والمموَّلين، فيما كان على متوسطي ومحدودي الدخل الانتظار إما للحصول على قرض من مصرف الإسكان أو الاقتراض من المصارف الخاصة بفوائد مرتفعة، أو السفر للعمل خارج لبنان بغية شراء عقار في بيروت، فيما غابت الدولة عن سياسة دعم الحق في السكن طيلة السنوات الماضية.
لكن خلال العامين الماضيين، ومع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار قياسا لليرة اللبنانية، هبطت الأسعار في سوق العقارات وتراجع معها سعر الشقق السكنية، ففي العاصمة بيروت على سبيل المثال تراجع سعر العقار الصغير في المناطق الشعبية من 150 ألف دولار إلى نحو 60 ألفا.
ورغم هذا الهبوط الذي تحقق، صار شراء الشقة أصعب على المواطن نظرا لارتفاع سعر صرف الدولار، وعدم تمكنه من شراء العملة الصعبة من السوق السوداء.
ويقول خبير الشؤون العقارية مدير عام شركة "سنتشري 21 لبنان" أحمد الخطيب، إن هناك انخفاضا في أسعار العقارات بنسبة 30 إلى 40 بالمئة في لبنان، إلا أن "عوائد الإيجارات ارتفعت مؤخرا من 0.5 بالمئة إلى 1.25 بالمئة".
وأضاف الخطيب لموقع "سكاي نيوز عربية": "تشهد هذه المرحلة المزيد من التهويل الإعلامي، خاصة الخبر الذي أورد معلومات حول انخفاض أسعار الشقق إلى معدل 80 بالمئة كما يشاع حاليا، وانتشار شائعة العقار مقابل الدواء والاستشفاء والطعام".
وتابع: "ما يحصل هو انخفاض في الدفع النقدي لثمن العقار. فعليا يطمع المشتري بالشراء بربع مبلغ المال بالمقارنة مع الوضع السابق، فمن يملك العقار حاليا يحجم عن بيعه بسعر متدن ويفضل الاحتفاظ به لأولاده كقيمة ثابتة ورصيد مأمون"، لافتا إلى أن "الوضع حاليا يقتصر على بيع العقارات المرهونة للمصارف، هذا إن وجدت".
وقال الخطيب: "في بيروت وصل الانخفاض إلى مستوى 35 بالمئة من القيمة السابقة للعقارات، وما تجاوز ذلك كان وفقا لاضطرار البعض للبيع بسعر متدن حسب الحاجة إلى السيولة النقدية، وهذه حالات استثنائية، مما انعكس إيجابا على الإيجارات".
وأوضح أنه "في بداية الأزمة كانت الإيجارات متدنية، أما اليوم فقد تحسنت الأسعار في المناطق الفخمة مثل حي فردان ووسط بيروت، واستعادت عافيتها ولو بنسبة أقل من السابق".
ونصح الخبير العقاري من يملك الدولارات النقدية بالشراء حاليا، لأنه "بعد عامين ستختفي هذه الأرقام بعد أن ينتهي هذا العهد في شهر أكتوبر المقبل، وستتقلص حالة الركود التي سيطرت بين 2020 و2022".
وختم الخطيب بقوله: "أنا متفائل جدا لأن اللبناني، ورغم الأزمات، يستطيع النهوض ولو بالحد الأدنى، وهناك الكثير من عوامل التفاؤل أبرزها التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، وخطة النهوض المدعومة من البنك الدولي، وغيرها من العوامل التي ستعود بالفائدة على لبنان خصوصا بعد انطلاق مسألة ترسيم الحدود جنوبا مع إسرائيل وبدء عمليات التنقيب عن الغاز في البحر".