دخل الغاز الليبي في قائمة مصادر الطاقة المحتمل تصديرها إلى أوروبا بديلا عن الغاز الروسي في حال اندلاع حرب في أوكرانيا، بعدما كثفت شركات عالمية كبرى مشاوراتها مع المؤسسة الوطنية للنفط بشأن زيادة الإمدادات للسوق الأوروبية.
وتواصلت واشنطن مع جهات ليبية لهذا الغرض، لكن الوضع السياسي المضطرب وغياب ميزانية لصيانة الآبار المتهالكة والاعتماد المفرط على البترول قد يضيع على ليبيا لعب هذا الدور في المدى القصير.
احتياطي الغاز في ليبيا جعلها في دائرة الضوء بقوة، باعتبارها أحد مزودي القارة الأوروبية بالغاز بعد روسيا والنرويج والجزائر، إذ تمتلك ليبيا مخزونات كبيرة من الغاز باحتياطي وصل إلى 54.6 تريليون قدم مكعب، وهو ما وضعها في المرتبة 21 عالميا في الاحتياطات، مع إمكان زيادتها باكتشافات جديدة.
"العالم ليس مترامي الأطراف بل قرية صغيرة، وجميع بؤر الصراع متشابكة ولها توازناتها وحساباتها"، هكذا أكد خبراء خلال أحاديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية".
ومن الجانب الأوروبي قال دانييلي روفينيتي، المحلل السياسي الإيطالي والخبير في شؤون الشرق الأوسط، إن ليبيا ليست ببعيدة عن صراع القوى الكبرى في أوكرانيا.
وفيما يخص ملف الطاقة، أكد المحلل السياسي الإيطالي خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الغاز الليبي "جزء مهم من إمداد أوروبا عبر التيار الأخضر (خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 520 كيلومترا الذي يربط ليبيا بإيطاليا)".
لكن روفينيتي أضاف أنه "في حال تطورت الأوضاع في أوكرانيا ومنع الغاز عن أوروبا، لن يكون الإنتاج الليبي كافيا من الناحية الكمية لاستبدال الإمدادات من روسيا بمفردها، ومع ذلك، في إطار التمايز في الإمدادات الذي ظهر مع الأزمة الأوكرانية، أصبحت ليبيا ضرورية أكثر من أي وقت مضى لأوروبا".
وأكد أن أوروبا تعمل خلال الفترة الماضية على ضرورة استعادة الاستقرار في ليبيا، بما يعود بالنفع على الشعب الليبي وكذلك استثمارات أوروبا.
وتابع: "عندما تستقر الأوضاع تستطيع أوروبا المساعدة والاستثمار في تطوير قطاع الطاقة الليبي مما يجعلها سوق نشطة تغني القارة عن الغاز الروسي، الذي يعد بطاقة موسكو للضغط على الناتو".
وتعاني ليبيا من ضبابية في المشهد السياسي، مما أرهق جميع قطاعات الدولة وبالأخص الطاقة، ففي يناير الماضي حذر رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله من انخفاض إنتاج الغاز خلال العامين المقبلين بسبب عدم صرف الميزانيات، والبيروقراطية التي تواجهها المؤسسة، كما يدرك مُستثمرون كبار في قطاع الطاقة بليبيا هشاشة البنى التحتية.
وأوضح المحلل السياسي الإيطالي روفينيتي أن "ليبيا تلعب دورا مهما في قضايا الطاقة، وتعد نقطة مهمة لإمداد المواد الهيدروكربونية، وهذا ما تدركه أوروبا وواشنطن أيضا".
وتتواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون مع العديد من موردي الغاز الطبيعي الرئيسيين لإمداد أوروبا حال اندلاع صراع حول أوكرانيا، ومن بينهم ليبيا.
وتحاول الولايات المتحدة التأكد من أن دول الاتحاد الأوروبي لا تعاني نقصا في الطاقة حال تطور الأوضاع في أوروبا الشرقية، خاصة أن الغرب يخشى رد موسكو على أي عقوبات إضافية ضدها في حالة تزايد الاضطرابات من خلال تقليص تدفق الغاز إلى أوروبا.
الطاقة والملعب السياسي
وشهدت الأزمة الليبية على مدار السنوات الماضية اهتماما كبيرا من جانب أوروبا، وكشف روفينيتي أن هذا الاهتمام أبعد من ملف الطاقة، فهناك ملفات أخرى خطيرة كالهجرة والإرهاب.
وأضاف خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الاهتمام الغربي بالأزمة الليبية يختلف من دولة إلى أخرى، فـ"البعض مثل إيطاليا أكثر انخراطا لأن ليبيا تقع على الشاطئ الرابع لشبه الجزيرة، وهي منطقة إسقاط دولي استراتيجي لإيطاليا، وبالمثل بالنسبة لفرنسا، فليبيا جزء من منطقة تمارس فيها نفوذها".
وتابع: "من ناحية أخرى، ترى دول أخرى مثل ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا أن ليبيا جزء من ملف البحر المتوسط، حيث تمر القضايا الأمنية مثل مكافحة الإرهاب أو الهجرة، لكن الاهتمام أيضا يأتي ضمن المواجهة مع لاعبين عالميين مثل روسيا والصين".
ومن جهة أخرى، قال أستاذ الإعلام المساعد في جامعة سرت عبد الله أطبيقة، إن الغاز الليبي لا يمثل في الوقت الحالي أهمية قصوى، بل سيصبح في خطط أوروبا صاحب أهمية قصوى بعد اتضاح أزمة أوكرانيا أكثر.
وأضاف أطبيقة خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "أزمة أوكرانيا ستضر بليبيا وليس العكس، لأن أوروبا سوف تنشغل بالصراع أكثر من الملف الليبي".