بعد عام على التحليق صعودا من دون تراجع وصولا إلى سعر 33 ألف ليرة للدولار الواحد، يستمر انخفاض سعر صرف العملة الخضراء في لبنان وسط تساؤلات عن السبب.
وفيما ينخفض الدولار قياسا لسعر صرف الليرة منذ أكثر من أسبوعين، لا زالت أسعار السلع في ارتفاع مضطرد، فيما يرى خبراء في السياسة والاقتصاد أن "هناك مصلحة سياسية لتخفيض سعر الدولار، لا سيما أنها مقبلة على فترة انتخابات وترشيحات".
ولا يعتبر خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي أن الدولار انخفض، فـ"هناك دولار على منصة (صيرفة) الرسمية وآخر في السوق السوداء، وهنك الدولار الأكثر تأثيرا على المستهلك اللبناني الذي تسعر عل أساسه السلع الاستهلاكية، والذي، باعتراف وزارة الاقتصاد من خلال حملات التفتيش الخاص بها، لا زال يتراوح بين 33 و35 ألف ليرة".
وأضاف فحيلي لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا يعني أنه هذا هو الدولار الحقيقي في السوق بغض النظر عن الكلام المعسول الذي توزعه السلطة النقدية، للإيحاء للمواطن بأنها استطاعت أن تتدخل في السوق وتساهم في انخفاض سعر الدولار".
وأردف: "ما يجري هو انخفاض صوري وظرفي نتيجة هندسات يقوم بها مصرف لبنان بضح كمية من الدولارات في السوق النقدية بشكل آني، إنما يبقى سعر الدولار الحقيقي التي يتأثر به المواطن اللبناني هو المعتمد من قبل التجار، لذلك لا أعتقد أن الدولار انخفض في لبنان. التاجر هو المؤشر الأساسي في هذا الموضوع وهو لا يزال مقتنعا بأن الدولار سيرتفع، لذلك لا يملك الجرأة لتخفيض سعر سلعه".
وقال الخبير الاقتصادي: "من الملاحظ في الآونة الأخيرة عدم الاستقرار في سوق صرف الدولار، فهو مستمر في التذبذب مع الانخفاض، مع أن هذا الانخفاض النسبي يكلف مصرف لبنان الكثير من مخزون العملة الأجنبية المتوفر لديه الذي يطرحه في السوق لخفض السعر. هذا التذبذب السريع يربك التاجر ولا يساعد على استقرار الأسعار".
أهداف سياسية
من جهة أخرى، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الصحفي والمحلل الاقتصادي منير يونس أن وصول الدولار إلى عتبة 33 ألف ليرة وما فوق أربك اللبنانيين بمن فيهم رجال السياسة.
وقال يونس لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن سعر الدولار "انخفض بعد أن حصل توافق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة من جهة أخرى، على خفض سعر صرف الدولار، حين أخبرهم الأخير أنه سيضطر إلى الصرف من الرصيد الاحتياطي، وهو ما تبقى من أموال المودعين في مصرف لبنان، فأُعطي الضوء الأخضر وتدخل في سوق الصرافة ليضخ أكثر من 500 مليون دولار الشهر الماضي من خلال التعميم الذي حمل الرقم 161، والذي سمح للموظفين بقبض رواتبهم بالدولار من البنوك لكن بسعر منصة (صيرفة)".
وأضاف: "من الطبيعي أن ضخ الدولارات في السوق يقابله امتصاص لليرة بكم كبير، فحدث عدم توازن، إذ أن هناك الكثير من الدولارات مقابل القليل من الليرات، مما أدى إلى انخفاض سعر صرف الدولار من 33 ألف ليرة إلى حدود 21 ألفا".
وأردف يونس: "من جهة ثانية، بنيت موازنة عام 2022 التي هي قيد التحضير على سعر 20 ألف ليرة للدولار، لذلك كان من الضروري تقريب السعر إلى هذا المستوى إضافة إلى نية حاكم مصرف لبنان إلغاء السوق السوداء، بحيث يصير سعر السوق السوداء بسعر منصة (صيرفة) التي يديرها مصرف لبنان".
وختم: "أهداف تخفيض سعر صرف الدولار الحالية سياسية بالدرجة الأولى لإعطاء انطباع وهمي للناس أن السلطة السياسية تضبط الوضع الاقتصادي وهو تحت السيطرة، ويقابل ذلك خطر أكبر هو نزيف من احتياطي العملات الصعبة في مصرف لبنان، وإذا استمرت هذه اللعبة فقد يتم صرف أكثر من مليار دولار من الاحتياطي من اليوم لغاية موعد الانتخابات، وحتى لو انخفض سعر الدولار إلى 20 ألف ليرة تبقى خسارة الليرة اللبنانية حوالي 90 بالمئة من قيمتها الأساسية واقعة، وهي القيمة التي كانت تساويها قبل الأزمة الاقتصادية الحالية".