على الرغم من أهمية القطاع الزراعي بالنسبة للاقتصاد السوري، إذ تشكّل الصادرات الزراعية ما يزيد عن 60 بالمئة من صادرات هذا البلد، إلا أن نوعية الصادرات تكشف ضعف التصنيع الزراعي وبدائيته، إذ أن معظم الصادرات هي من المنتجات الزراعية الخام، غير المصنّعة.
وبالرغم من أن الإنتاج الزراعي السوري يسجّل حضورا ملفتا في أسواق دول الجوار مثل تركيا ولبنان والعراق وغيرها، إلا أن قسما كبيرا منه يتم تهريبه، ليبقى خارج الأرقام والإحصاءات وحتى الموارد الرسمية مثل زيت الزيتون والقطن.
لطالما عرفت سوريا كبلد زراعي ينتج كميات كبيرة من الزيتون والحمضيات والقطن والخضار والفواكه، حيث كانت حتى اندلاع الحرب، تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد تونس في إنتاج الزيتون، والسادسة عالميا في إنتاج القطن، ورغم التراجع الذي شهده القطاع الزراعي بسبب الحرب، إلا أن الأرض السورية ما زالت تنتج كميات كبيرة من الحمضيات والزيتون والخضار التي يتم تصديرها إلى دول الخليج والعراق وروسيا.
ويشير تقرير وزارة الاقتصاد والتجارة السورية أن إجمالي الصادرات بلغ منذ بداية عام 2021 حتى نهاية شهر يوليو من العام ذاته نحو 1.201 مليون طن، إلى 110 وجهة مختلفة، بقيمة إجمالية قاربت الـ 400 مليون يورو.
ووفق التقرير ذاته، فإن المواد المصدّرة بشكل عام هي الألبسة وتوابعها والفواكه والخضار والمصنوعات الغذائية والأحذية والمنظفات والقوارير الزجاجية وزيت الزيتون والمصنوعات المطاطية والمشروبات الغازية والزهورات والألبان والأجبان ومشتقاتها وأحجار البناء والفستق الحلبي والأدوية والتوابل والتربة الغضارية.
لكن، على الرغم من نشاط تصدير المنتجات الزراعية السورية، فإن القطاع كغيره يعاني جملة من المشاكل التي يلخّصها الخبير الاقتصادي إياد محمد في حديثه لـسكاي نيوز عربية، بمعوقات تتعلق بالتعبئة والتغليف، والنقل الداخلي للمنتج الزرعي، وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة بالقطاف والفرز والتوضيب، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الفرز والتوضيب وحوامل الطاقة.
ويضيف محمد أن هناك معوقات تتعلق بارتفاع أجور النقل بشكل كبير، إن كان النقل إلى الحدود أو النقل الدولي، إضافة إلى وجود مشاكل خارجية تتمثل بالقرارات التي تصدر من الدول المستوردة تتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا، مشيرا إلى ارتفاع تكاليف النقل عبر البحر وتأثير تفجير ميناء بيروت في خسارة منفذ تصدير هام.
ويشرح محمد أن الانهيار المفاجئ لليرة التركية في نهاية العام 2021 الذي تزامن مع موسم الحمضيات السورية أثّر على هذا القطاع بشكل كبير، حيث توجّهت الحكومة التركية في إجراءاتها لحماية ليرتها وإيقاف الانهيار، إلى تقديم دعم كبير للتصدير، ونتيجة لعرقلة الصادرات التركية الى روسيا ومنعها في السعودية، كان توجه المصدّرين الأتراك نحو السوق العراقية، مما خلق منافسة أضرت بالصادرات السورية وخاصة منتج الحمضيات منها.
الحرب الطويلة والتغيير المناخي والجفاف، جميعها عوامل ساهمت بتغيير الأنماط الزراعية في سوريا، وتراجع بعض الزراعات والإنتاج، كما بالنسبة للقمح حيث هبط إنتاج سوريا من القمح من 5 ملايين طن إلى أقل من مليون طن سنويا، فيما احتلت زراعة النباتات العطرية والطبية مساحات جديدة من الأراضي الزراعية.
ويحتاج القطاع الزراعي السوري اليوم إلى استثمارات كبيرة لإعادته إلى ما كان عليه، واستخدام تقنيات الري الحديث، وتوطين التقنيات الحديثة، وكذلك مواكبة الإنتاج بالتصنيع.