تشهد زراعة الموز تحت البيوت البلاستيكية متعددة القبب، انتعاشا بعدة مناطق ساحلية في الجزائر، حيث نجح كثير من الشباب في كسب تحدي إنتاج هذه الثمرة الاستوائية، واستطاعوا التغلب على عامل المناخ عبر تقنيات زراعية حديثة.
ويعد زهير فدسي واحدا من الشباب الأوائل الذين اقتحموا هذا الميدان الزراعي، وهو يرأس جمعية محلية لمنتجي الموز.
ولمعرفة قصة نجاح هذه التجارب الزراعية، أكد فدسي رئيس الجمعية المهنية لمنتجي الموز بمحافظة جيجل شرقي الجزائر، أن "غرس شتلات الموز تعرف إقبالا من طرف الشباب المستثمر، والرهان هو توسيع هذه الزراعة بعد إعادة بعثها".
وتابع في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أن خطواته الأولى في هذ المجال كانت قبل 4 سنوات، حيث "كان سعر الموز مرتفعا جدا في السوق، وحينها فكرنا في إعادة بعث هذه الزراعة من منطلق أنه لا بد من خفض فاتورة استيرادها وخلق فرص شغل".
وللتأكيد على أن تجربة زراعة الموز إيجابية، أفاد المصدر أنه "مع تواصل الإنتاج في الفترة الأخيرة عرف سعره انخفاضا في الأسواق، خاصة أن المنتجين يضبطون أسعار الفاكهة الموجهة للسوق، وهو أقل بـ40 دينارا مقارنة بالمستورد".
إنشاء تعاونية فلاحية
ولمواصلة تجربة نجاح زراعة هذه الفاكهة الاستوائية في الجزائر، دعا فدسي إلى توسعة نشاطها من 80 إلى 100 ألف هكتار على مستوى محافظة جيجل.
وأضاف: "ندعو السلطات التي وقفت إلى جانبنا منذ بداية مشاريعنا من خلال صيغ الدعم المالي المختلفة، إلى أن تخصص 50 هكتارا في رقعة واحدة لصالح الشباب المستثمرين في هذا المجال".
كما شدد المتحدث على توفير مزيد من "غرف التبريد" الخاصة بإنضاج الموز من أجل استغلال السلعة على مدار السنة، مشيرا إلى استعداد المزارعين لإنشاء تعاونية فلاحية مختصة في إنتاج الموز بمحافظة جيجل.
وفي السياق ذاته، أفاد رئيس مكتب الإرشاد والتكوين بمديرية الفلاحة بجيجل عبد العالي علاب، إن هناك 5 بلديات تعرف زراعة الموز بـ3.078 هكتار مساحة مزروعة تحت البيوت البلاستيكية متعددة القبب، و1.5 هكتار تحت البيوت البلاستيكية العادية، كما يوجد 14 مستثمرا في هذا المجال وفي انتظار ولوج 5 آخرين.
وتابع علاب في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا: "تضمن مديرية المصالح الفلاحية المرافقة التقنية والإرشادية لكل المستثمرات الزراعية المختصة في زراعة الموز، وتزويدها بكل المدخلات كالأسمدة الكيميائية ومعدات الدعم الخاصة بالتقطير وكذا تزويدها بالكهرباء الريفية".
هدف الاكتفاء الذاتي
من جانب آخر، يرى خبراء في المجال الزراعي أن البيوت البلاستيكية متعددة القبب توفر الظروف الملائمة للتحكم في نمو الموز، خاصة أن هذه الفاكهة تحتاج إلى مناخ أقرب إلى الاستوائي لا تنخفض درجة الحرارة السائدة فیه عن 15 درجة مئویة ولا ترتفع عن 45.
ويؤكد رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين الجزائريين منيب أوبيري، أن "زراعة الموز داخل البيوت متعددة القبب تسمح بالتحكم في عوامل المناخ مثل الرطوبة والحرارة، مما يسهل للمزارع بمتابعة جيدة للمسار التقني للإنتاج".
ويرى أوبيري في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "بالحديث عن التسميد والري بالتنقيط والمراقبة المستمرة طيلة 12 شهرا، تكون متابعة المرحلة النباتية البيولوجية الخاصة بالموز داخل البيت البلاستيكي ممكنة وسهلة، خاصة أنه في ظل هذا المحيط يمكن مراقبة المياه والرطوبة والحرارة والتحكم في الأمراض من أجل أقل خسائر في التكاليف والزيادة في المردود".
واقترح رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين توسيع رقعة زراعة فاكهة الموز محليا على مستوى 14 ولاية ساحلية، مبرزا من جهة أخرى أن "استمرار الاستيراد من شأنه كبح تطور هذه الشعبة".
وتابع المتحدث قائلا "إذا كنا نستورد أكثر من 300 ألف طن من الموز فإن 80 هكتارا من كل محافظة ساحلية بمعدل 5 آلاف هكتار باستطاعتها تمكيننا من الاستغناء عن استيراد هذه الفاكهة لمدة 5 سنوات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي".
وبخصوص السعر المناسب لتسويق الموز بالجزائر، اقترح أوبيري "ألا يقل عن 150 دينارا للكيلوغرام في سوق الجملة ليتمكن المزارعون من الاستمرار في الإنتاج".