يعاني اللبنانيون من أزمات متتالية لا يستطيعون تحملها من انقطاع للدواء والمياه والكهرباء والمشتقات النفطية، والغلاء الفاحش الذي طال السلع الأساسية وخاصة أسعار المواد الغذائية.
ووصل ثمن كيلو لحم البقر إلى 300 ألف ليرة لبنانية أي ما يقارب ربع راتب الموظف، بينما حلق سعر كيلو لحم الغنم فوق 450 ألف ليرة، وهذا ما جعل هذه المادة الغذائية المهمة خارج متناول شريحة كبيرة جداً من الشعب اللبناني.
وتتفاوت أسعار اللحوم في لبنان حسب المناطق فهي في المدن أعلى منها في القرى والأرياف بسبب كلفة النقل والإيجارات المرتفعة.
ونتيجة الأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلاد لم يعد لبنان في طليعة الدول المستهلكة للّحوم في الشرق الأوسط بعد ارتفاع سعر كيلو اللّحمة الطازجة من 15 ألف ليرة قبل الأزمة ما أجبر اللبنانيّين على تغيير السلوك الغذائي والتخفيف من استهلاك الحوم قسراً.
وانعكس هذا الأمر انخفاضاً بنسبة استيراد اللحوم وصل إلى 70%، فالبواخر المحمّلة باللحوم التي وصلت أواخر العام الماضي لم تتعد 6، بينما كان يستورد لبنان في مثل هذا الوقت من السنة حوالي 20 باخرة محملة بالأبقار والأغنام وفق معلومات خاصة لموقع سكاي نيوز عربية.
تقول أم رباح (60 سنة) لموقع سكاي نيوز عربية "باتت اللحمة تزور دارنا مرة في الشهر، وقد يكون حالنا أفضل من حال جيراننا الذين تحولوا للخبز والمعجنات".
ويقول القصاب ماجد محمد "كثر هم اللبنانيون الذين استبدلوا اللّحمة الطازجة باللّحمة المجمدة الأرخص ثمناً، بينما اكتفى آخرون بكميّات قليلة، ومنهم لم يعد يدخل اللحمة نهائياً للمنزل".
تراجع الاستيراد
ويوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي لموقع سكاي نيوز عربية "أن استيراد اللحوم في لبنان يتفاوت بين اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك" مضيفا "بالنسبة للحوم الحمراء وبحسب التجار، فقد هبطت نسبة الاستيراد ما بين 50 إلى 60 بالمئة وهذه نسبة كبيرة وضخمة على لبنان".
وفيما يخص لحوم الدواجن قال بحصلي "أغلبه من الإنتاج المحلي والقليل منه مستورد واستهلاك الدواجن في انخفاض مستمر وكذلك الإنتاج الوطني الذي انخفض مؤخراً بنسبة 30 بالمئة كما انخفض استهلاكه كذلك".
أما لحم السمك فقال بحصلي "المؤسف أنه ليس لدى لبنان إحصاءات دقيقة حول الثروة الحيوانية وغالبية كمية الأسماك تستهلك في المطاعم والجميع يعرف ما تعرض له هذا القطاع (قطاع المطاعم) جراء الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا الأمر الذي ساهم لانخفاض استهلاكه بشكل كبير".
وأضاف بحصلي "يشهد لبنان انخفاضا ملحوظاً في استيراد المعلبات أيضا نتيجة ارتفاع الأسعار بعد أن وصل سعر علبة التونة على سبيل المثال إلى 30 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل دولاراً واحداً بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 2000 ليرة فقط."
وأشار إلى أن "استهلاك معلبات اللحوم انخفض بشكل كبير وانتقل المواطن اللبناني إلى مكان آخر فصار أكثر استهلاكا للخبز والبقوليات والحبوب".
وتابع "الغالبية تتجه بسبب الأزمة نحو استخدام الطحين لأنه ما زال مدعوماً من الدولة حتى وإن ارتفع سعر ربطة الخبز ووصل لأكثر من عشرة آلاف ليرة بعد أن كان سعرها لا يزيد عن ألف ليرة ومع ذلك تبقى الأرخص بالنسبة للمستهلك اللبناني".
خبراء التغذية
بدورها لفتت اختصاصية التغذية مروة سلمان في حديثها مع موقع سكاي نيوز عربية إلى أن اللبنانيّين "كانوا يتناولون اللّحوم بكثرة وهذا مضرّ بالصحة" مضيفة "لكن التوقف نهائياً عن تناولها يحتّم التعويض عنه بالبدائل والمكمّلات الغذائية. إذ إن اللّحوم الحمراء تحتوي على البروتين السريع الهضم الأعلى جودة من البروتين النباتي، وعلى معادن كالحديد والزنك والفيتامين B12، لذلك فإن عدم تناول اللّحوم نهائياً يؤثّر سلباً على الجهازَين المناعي والعصبي وعلى نمو العضلات وتكوين الدّم وبناء الأنسجة".
ويبدو أن خيار التغذية النباتية سيسيطر قسرياً على الشريحة الكبرى من اللبنانيين كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية وزاد تأثيرها على النظام الغذائي في لبنان.