تواجه الحكومة التونسية مزيدا من التحديات المتعلقة بالوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد، بالتزامن مع إعلان مجموعة من الإجراءات التي تستهدف معالجة الأزمة وفق خطة شاملة للنهوض بالاستثمار والصناعات، وكذلك مواجهة عجز الميزانية.
وعقب إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن خارطة طريق سياسية للبلاد ستستمر لمدة عام كامل، وستشمل إصلاحات سياسية ودستورية وانتخابات تشريعية، أعلنت الحكومة حزمة إجراءات من شأنها تحقيق تحسن تدريجي في الأوضاع الاقتصادية، والحد من تداعياتها على المواطن.
ابتكار سبل لوقف النزيف
وعن الحلول التي يمكن أن تخرج البلاد من نفق الأزمة المالية التي تعصف بها، قالت المستشارة لدى رئيسة الحكومة، سامية الشرفي قدور، إن "حل الأزمة المالية التي تعيشها تونس لا يقف عند غلق ميزانية 2021 أو إعداد ميزانية 2022، بل يتطلب ابتكار وإرساء سبل فعلية لإيقاف النزيف".
وفسّرت قدور، في كلمة ألقتها نيابة عن رئيسة الحكومة نجلاء بودن، في افتتاح الملتقى السنوي لمراقبي المصاريف العمومية 2021، أن الحل لا يكمن أيضا في اللجوء إلى مصادر اقتراض داخلية أو خارجية مباشرة من البنك المركزي أو من السوق المالية، بل في الحد من الاقتراض، وإيجاد التوازن بين موارد الدولة ونفقاتها.
ومن جانبه، كشف نور الدين الطبوبي رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل، عن طلب الحكومة التونسية من قيادات الاتحاد الموافقة على برنامج اقتصادي يشمل تخفيضا بنسبة 10 في المئة بأجور الوظيفة العمومية، في محاولة من الحكومة للضغط على النفقات العمومية للحد من أزمتها المالية الخانقة.
ما الحل؟
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي قيس مقني أن الحكومة عليها إيجاد حلول سريعة للأزمة الاقتصادية في تونس، حتى لا تصل لمرحلة الإفلاس، مشيرا إلى أهمية المكاشفة أيضا فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لتحسين الوضع الاقتصادي من أجل طمأنة المواطنين.
وأكد مقني في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" ضرورة تصدير رسائل إيجابية وواضحة للخارج فيما يخص مناخ الاستثمار والحريات وعودة المؤسسات في الدولة للعمل بشكل طبيعي وديمقراطي، مما سيسهم بشكل كبير في حل الأزمة دون الحاجة لفرض أعباء جديدة على المواطنين.
وأشار مقني إلى أن "حكومة نجلاء بودن تواجه تحديات صعبة فيما يتعلق بالحلول الاقتصادية والمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، خاصة أنها مطالبة بتحقيق الكثير من المطالب الاجتماعية وخفض الأسعار، ورفع كفاءة الخدمات وغيرها".
وأوضح أن هناك الكثير من العقبات تواجه الميزانية الجديدة للعام 2022، والتي تتعلق بالإجراءات الخاصة مع صندوق النقد، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يكون "عجز ميزانية الدولة في حدود 15 في المئة خلال هذه السنة، وهذا من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا خاصة في المفاوضات التي تجريها بلادنا مع صندوق النقد الدولي، والتي تسير بنسق بطيء وغير مطمئن".
ووفق مقني فإنه يتوجب على الحكومة "إيقاف الدين الخارجي وتخفيض التضخم ودمج الاقتصاد الموازي مع الاقتصاد الوطني".
وبيّن مقني أن الانهيار الاقتصادي بتونس "تتحمل مسؤوليته حركة النهضة فقط، باعتبارها الطرف الوحيد الذي استمر في الحكم دون انقطاع".
وتشير الأرقام إلى أنه قبل تولي "النهضة" الحكم، سواء في الحكومة أو البرلمان منذ العام 2011، كانت تونس تنعم بسنوات الازدهار الاقتصادي، واليوم مع فشلهم في إدارة الملف الاقتصادي أعادوا البلاد عقودا للوراء.
ووصلت الديون الخارجية لتونس لأكثر من 35.7 مليار دولار، كما أن البلاد مطالبة بسداد نحو 5.4 مليار دولار منها في العام الجاري، أي ما يزيد على 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها بحاجة لحوالي 6 مليارات دولار لسد العجز في ميزانية 2021.