تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن الجزائر تتجه نحو إنهاء ما يصفه خبراء الاقتصاد محليا بـ"عبودية البترول"، والتوجه نحو الاستفادة من الثروات المعدنية التي تزخر بها البلاد لتحقيق نمو اقتصادي حقيقي بحلول عالم 2030.

ويأتي هذا التوجه الجديد بعد خمسين عاما من الاستقلال، وسنوات طويلة لم تتجاوز فيها نسبة الإنتاج الصناعي خارج قطاع البترول حدود الـ10 بالمئة.

وحسب أرقام المرصد الاقتصادي للجزائر، فإنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد الجزائري نموا إجماليا للناتج المحلي بنسبة 3.7 بالمئة في 2021 و2.5 بالمئة في 2022، في الوقت الذي تستعد فيه وزارة الطاقة والمعادن لفتح أبواب الاستثمار أمام الخواص لدخول قطاع التعدين.

ومؤخرا انطلقت الجزائر في إنجاز 26 مشروعا للتنقيب عن الثروات الباطنية التي كانت مهملة وذلك بتكلفة 1.8 مليار دينار، بعد أن تم تحديد 32 منجم غير مستغل يضم معادن نادرة، على غرار الليثيوم و البوتاسيوم والكبريت والأحجار الكريمة والرصاص والزنك والفوسفات.

أخبار ذات صلة

كيف كسبت الجزائر رهان الأمن الغذائي؟.. خبراء يشرحون
تبون يرهن عودة سفير الجزائر لباريس باحترامها الكامل لبلاده

وحسب أخر أرقام المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة ،فإن الهدف سيكون تحقيق حلقة مستدامة من نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6٪ سنويًا في حالة مستقرة مما سيرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030 إلى ضعف نصيب الفرد خلال عام 2010 من 4500 دولار إلى 10100 دولار في عام 2030.

ويؤكد الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز الذكاء الاقتصادي اتينبل بيزنس بروموشن، فؤاد علوان على أن الجزائر قررت فعلا الخروج من النفط الذي ظل يعتبر "الجناح الاقتصادي المسلح" للبلاد.

وقال علوان لموقع سكاي نيوز عربية : "لقد قررت الجزائر خلق مناخ جديد يتماشى مع المناخ الاقتصادي العالمي، وهي تريد دخول اللعبة الدولية بقوة من خلال تشجيع الصناعة وعدم الاكتفاء بمراقبة أسعار النفط وهي تشهد ارتفاعا هذه الأيام".

أهم رواسب الحديد في العالم

وتصنف الجزائر في المرتبة التاسعة عالميا في ترتيب منظمة أوبك من حيث عائدات النفط، ومع تجاوز سعر البرميل حدود 77 دولارا ، تتوقع الجزائر إيرادات تزيد على 30 مليار دولار بنهاية العام.

ورغم تلك المؤشرات الإيجابية، إلا أن الرهان الأكبر يهدف لتشجيع الاستثمار في قطاع التعدين، مع وضع آليات الاستثمار خارج سوق النفظ، وذلك عبر إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بأنشطة التعدين.

وتقوم الجزائر حاليا بتوحيد وتوفير المعلومات و البيانات الأساسية المتعلقة برسم الخرائط الجيولوجية وجرد مفصل للثروات الباطنية من أجل عرضها على المستثمرين الخواص المحليين و الأجانب.

ومؤخرا وجه الرئيس عبد المجيد تبون، مجموعة من التدابير الاستعجالية لإنعاش النشاط المنجمي، حيث أمر بِـ إنشاء مصنع لصناعة خطوط السكك الحديدية في ولاية بشار، لتزويد مشاريع الربط بالسكك الحديدية، المتعلقة باستغلال منجم (غار جبيلات) وغيره من المشاريع المستقبلية.

ويعتبر غار جبيلات من أهم رواسب الحديد في العالم ، وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام الغرب والوسط والشرق، غنية باحتياطي تعديني يتراوح من 3 إلى 3.5 مليار طن ، منها 1.7 مليار طن. وسيتم استغلال في المرحلة الأولى بالتعاون مع الشريك الاقتصادي الصيني الذي تعتبر الجزائر الأهم بالنسبة لها في المرحلة القادمة.

في هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي الجزائري علوان أن هذا المشروع الاستراتيجي يهدف لضمان إمداد مصانع الحديد والصلب الجزائرية بالمواد الخام والمساهمة في تطوير قطاع التعدين وزيادة الدخل الجزائري خارج المحروقات.

تشجيع اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة

في سياق، متصل أعلن رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي رضا تير عن إنشاء نموذج اقتصادي جديد يعطي مكانة أكثر أهمية لبراءات الاختراع مع تعزيز اقتصاد المعرفة والبحث والتطوير والابتكار مع تسريع التحول الرقمي وتطوير الشركات الناشئة.

وتتبنى الحكومة الجزائرية الجديدة فكرة تطوير الجانب القانوني الخاصة باقتصاد المعرفة، وإنشاء استراتيجية وطنية لنقل التكنولوجيا، فضلاً عن إنشاء آليات لتمويل أعمال النماذج الأولية والبحث والتطوير لصالح الشركات الناشئة.

ورغم تأخر الجزائر في تحرير الاقتصاد من ريع البترول إلا ان الخبراء يجمعون على وصف القرارات التي ترافق خارطة الطريق الاقتصادية بالواعدة.

وقال الخبير الاقتصادي الجزائري لابراج محي الدين لموقع سكاي نيوز عربية: "المناخ الاقتصادي سيشهد انتعاشا رغم المتاعب التي سبيتها له جائحة كورونا في العامين الماضيين".