توقّع خبراء ومحللون اقتصاديون، أن يساهم إعلان شركة إيفرغراند العقارية الصينية العملاقة، عن توصلها إلى اتفاق مع أصحاب سندات لتجنب التخلف عن السداد، في انفراجة لتلك الأزمة التي ألقت بظلالها على الأسواق العالمية على مدار الأيام الماضية.
وفي بيان موجه إلى بورصة شنجن بجنوب الصين، أوضحت المجموعة العقارية العملاقة التي ترزح تحت ديون ضخمة، أن أحد فروعها "هنيغدا ريل إستايت" أجرى مفاوضات بشأن خطة تسديد للفوائد على سندات تستحق في 2025.
وذكرت وكالة بلومبرغ، أن إيفرغراند ستسدد 232 مليون يوان أي قرابة 36 مليون دولار، من الديون تستحق الخميس على هذه السندات بنسبة 5,8% موجهة لسوق السندات الداخلية.
وتعاني مجموعة إيفرغراند، وهيَّ ثاني أكبر مطور عقاري في الصين وتعمل في أنشطة أخرى كالطاقة المتجددة والسيارات، من تعثر كبير في سداد ديون تتجاوز 300 مليار دولار.
وقال بنك استثمار برايم، في مذكرة بحثية، إن الشركة الصينية العملاقة، تدين لأكثر من 170 مصرفًا ومؤسسة مالية، لتصبح محملة بأكبر عبء ديون لأي شركة إدارة أو تطوير عقارات مدرجة بالبورصات العالمية.
اتجاه إيجابي
يرى المحلل المالي والاقتصادي، أحمد عز، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا الاتفاق سيجد من التداعيات السلبية للأزمة الحالية، لكن الأمر بحاجة إلى مزيد من الوقت للشعور بانفراجة.
وقال عز إن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير على الوضع المالي للشركة مما تسبب في التزامات عديدة مستحقة في حين لا تستطيع الشركة الصينية الوفاء به، لكن الأمر الإيجابي على الجانب الآخر أن هناك الكثير من المتحصلات لدى الشركة لدى العملاء، وبالتدقيق سنجد أنها تستطيع العبور وتجنب الانهيار مع مزيد من الوقت، في ظل توقعات بتدخل الحكومة الصينية للمساهمة في علاج الأزمة.
وأضاف: "من الصعوبة بمكان انهيار تلك المجموعة العملاقة، أو أن تسمح الحكومة الصينية بذلك".
لكن السلطات الصينية لم توضح حتى الآن، ما إذا كانت ستساعد في تحسين وضع الشركة المالي التي لا يزال 1,4 مليون من مساكنها غير مُنجز.
إعادة الهيكلة
أما غاري دوغان، من شركة "غلوبال سي أي أو" الاستشارية في سنغافورة، فأشار إلى أن الإعلان عن الاتفاق "سيساعد، ويؤمل أنه سيخفض بعض الشيء تقلبات الأسواق وتراجعها".
وأضاف لوكالة بلومبرغ أنه "لكن لكي تعود الثقة فعلا يجب على السوق أن ترى احتمالات إعادة هيكلة إيفرغراند".
ومع ذلك، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي، هاني توفيق، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن اتفاق تسديد فوائد سندات بمثابة "خطوة من مجموعة خطوات ستتخذ في سبيل إنقاذ الشركة الصينية".
وأضاف أنه من "الوارد جدا أن يحل الاتفاق مشكلة مؤقتة، ولكن لا بدَّ من ضخ رؤوس أموال جديدة في الشركة لكي تعبر وتسدد الالتزامات".
وأوضح أن الوضع المالي للمجموعة الصينية يحتاج إلى إعادة الهيكلة طويلة الأجل، كما قد يكون أحد الحلول تدخل الحكومة الصينية ذاتها بشراكة ووسائل كثيرة، لأن سداد فوائد السندات ليست الخطوة التي نعول عليها بشكل كبير للتأكد من تحسن المؤشرات المالية.
انحسار المخاوف
ومع تلاشي المخاوف من تأثير الأزمة الكبير، فتحت الأسهم الأميركية على ارتفاع، فيما ينتظر المستثمرون المؤشرات بشأن السياسة من اجتماع الفدرالي الأميركي في وقت لاحق من اليوم.
وقال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، إن الأسواق العالمية استجابت لأزمة إيفرغراند بعد التخوف الشديد، حيث شهدت استقرارا في التعاملات اليوم، فيما لا يزال تأثيرها محدودا في الصين أيضا رغم كبر حجم الأزمة.
وأضاف أن "الجميع ينتظر اجتماع الفيدرالي الأمريكي للكشف عن برنامج التحفيز وأسعار الفائدة".
"ليمان براذرز" لن تتكرر
وعمّت مخاوف عالمية خلال الساعات الماضية، في أعقاب انكشاف أزمة مجموعة إيفرغراند العقارية الصينية العملاقة، وتأثيرها على قطاع البنوك بما يُنذر بتحولها لأزمة مالية عالمية على غرار انهيار مصرف "ليمان براذرز" الأميركي عام 2008.
وتسببت تلك المخاوف في تراجع كبير في البورصات العالمية بالأيام الأخيرة، قبل أن تشهد الساعات الماضية تحسنًا طفيفا.
وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 87.03 نقطة يما يعادل 0.26 بالمئة إلى 34006.87 نقطة.
وبالتزامن، فتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعا 13.24 نقطة أو 0.30 بالمئة إلى 4367.43 نقطة.
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد عز أن "أزمة إيفرغراند ليست شبيهة على الإطلاق بما حدث عام 2008، ولا يوجد وجه للمقارنة".
ويعتقد "عز" أنه سيحدث تدخل من الحكومة الصينية وجميع كبار حاملي الأسهم للمرور من هذه الفترة فيما يسمى بالتسهيل الكمي، لأن حكومة بكين ذاتها ستكون من بين المتضررين حال انهيار المجموعة العقارية.
وهذا ما لفت إليه كبير محللي الاقتصاد في شركة "ايفيست"، الحسن علي بكر، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، بأن "أزمة إيفرغراند، لها خصوصية تختلف عن الأزمات السابقة، والبعض حاول تشبيه الأزمة الحالة بأزمة "ليمان براذرز"، ولكن لو نظرنا بشكل أدق فالأزمة الحالية تختلف اختلافا جوهريا عن أزمة عام 2008 من هيكل وحجم تأثيرها على القطاعات المختلفة سواء القطاعات العقارية عالمياً أو القطاع المصرفي".