دخلت الجزائر مرحلة السباق مع الزمن من أجل تجاوز العثرات التي تحول دون تحقيق قفزة اقتصادية، وقدم الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، الاثنين، خارطة طريق الحكومة التي ترتكز على 5 نقاط أساسية، من بينها الإصلاح الاقتصادي والسياسية الخارجية وتعزيز دور الأمن.
وحسب البرنامج الذي عرضه الوزير الأول أمام البرلمان، فقد تم تسطير المحاور بناء على مراجعة الواقع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، وبالنظر للظروف التي يعشيها المواطن في ظل استمرار ارتفاع الأسعار في السوق العالمية.
وتسعى الجزائر لإصلاح القطاع العمومي تماشيا مع التحولات الكبرى التي يعيشها الاقتصاد المحلي منذ حراك 22 فبراير 2019، مع التشديد على ضرورة مواصلة الإصلاحات الإدارية و"رقمنة" المعاملات وترشيد الإنفاق والحفاظ على القدرة الشرائية والاهتمام بالطبقة الهشة في المجتمع.
وتركز الجزائر على ضرورة إعادة الثقة بين المواطن والدولة عبر تبسيط الإجراءات الإدارية، لا سيما تلك التي لها علاقة بالمؤسسات الخاصة والمصغرة، وتشجيع الشباب على الابتكار.
وتبدو طموحات الجزائر كبيرة في هذا الإطار، حيث تريد تطوير القطاعات التي تشمل روافد الاقتصاد، مع الاهتمام بالثروة المعدنية وزيادة الإنتاج الأولي في فرع المحروقات، والصناعات المرتبطة بالطاقة.
كما تسعى الجزائر لتحقيق لتعزيز الأمن الغذائي الذاتي عن طريق التنمية في المناطق الصحراوية والغابية والهضاب العليا، ومن بين الأهداف رفع المساحات الزراعية من 200 ألف هكتار إلى 500 ألف، مع توسيع مناطق الري بالتقطير.
وعملا بمبدأ "الأرض لمن يخدمها"، سيتم منح الأراضي وفق دفتر شروط يحدد نوعية الزراعات والمنتجات التي يفترض أن تخرج منها.
وينظر خبراء الاقتصاد لمخطط الحكومة المقدم هذه السنة، على أساس أنه جزء من خطة خماسية تم التحضير لها منذ 2020، من أجل الوصول إلى الأهداف الكبرى بحلول عام 2025.
وقال الخبير الاقتصادي حميد علوان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "البرنامج طويل لا يمكن الحكم عليه من خلال سنة، إنما يحتاج 5 سنوات من أجل إنعاش الاقتصاد، إذا تم الشروع في الإصلاحات الخاصة بالقطاع المالي التي يرتبط بها العديد من القطاعات".
وعلى أرض الواقع يبدو المشهد الاقتصادي هشا، خاصة بالنسبة للقدرة الشرائية للمواطن التي تشهد تدهورا في الأشهر الماضية، حيث سجلت أسعار المواد الغذائية والأساسيات ارتفاعا رهيبا في ظل جائحة كورونا، مما دفع الحكومة الجزائرية لاتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من أعباء القدرة الشرائية.
وأكد رئيس جمعية المستهلك مصطفى زبدي، أن هناك حالة من التذمر العام بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "نلحظ في الفترة الأخيرة ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية أو الخدمية".
وأرجع زبدي الارتفاع لعاملين أساسيين، موضحا: "العامل الأول متعلق بالبورصة العالمية وأسعار الشحن وهو عامل خارجي قد يصعب التحكم فيه".
واستطرد: "هناك عوامل داخلية تتعلق بالمضاربة والغش، مع غياب الرؤية الاستشرافية التي أدت إلى ارتفاع أسعار بعض المواد بنسبة تتجاوز 15 بالمئة في بعض الحالات".
واعتبر زبدي أن "رهان الجزائر الحقيقي يمكن في كيفية التحكم في العوامل الداخلية، لتخفيف أعباء القدرة الشرائية التي أرهقت كاهل المواطن من الطبقتين الوسطى والفقيرة".
وتهدف الجزائر لتطوير المنظومة الاقتصادية من خلال تسخير كل الجبهات في هذا الاتجاه، سواء على المستوى الداخلي أو حتى الدبلوماسي، لترقية المنظومة وتعزيز دعائم البرنامج الاقتصادي مع تطوير النظام الاقتصادي والمصرفي وفتح أبواب الاستثمار.
والملاحظ في خطة الحكومة الجديدة تناولها لعدد من النقاط التي شملها قانون المالية 2021، لكنها لا تزال حبرا على ورق وفي حالة خمول.
وتأتي الخطة فيما لا تزال تداعيات جائحة كورونا تنعكس بشكل خطير على المشهد الاقتصادي في الجزائر، وقد بدا ذلك في إعلان عدة شركات إفلاسها، آخرها شركة الخطوط الجوية الجزائرية التي أصدرت بيانا تدق فيه ناقوس الخطر.
وحذر عضو مجلس الأمة عبد الوهاب بن زعيم من استمرار اعتماد الشركات العمومية على خزينة الدولة، وقال: "شركة عمومية تطلب من الحكومة أموالا لتسديد الأجور والنفقات؟ هذا لم يحصل في أي شركة في العالم، يجب أن تكون هناك دراسة استراتيجية وخطة اقتصادية جديدة للشركة للبقاء في السوق الوطنية وتطوير الشركة".
وبشكل عام يرى لخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية، أن "للجزائر فرصة ثمينة لتحقيق القفزة الاقتصادية، بتحسين جاذبية مناخ الاستثمار وحل العراقيل البيروقراطية، التي تعد من أبرز تحديات الحكومة لتجسيد الخطة على أرض الواقع".
وقال عية لموقع "سكاي نيوز عربية": "من الناحية النظرية فإن المحاور التي تضمنها مخطط الحكومة تغطي كل المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الوطني"، فيما يبقى التحدي الحقيقي في تطبيق الخطة.