انتعش سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار، على نحو ملحوظ، خلال الأيام الأخيرة، إثر توقيع مرسوم تشكيلة حكومة في البلاد، فصار الدولار الواحد يلامس 15 ليرة.

وكان سعر صرف الدولار قد انخفض، صباح الجمعة، بعد معلومات عن إمكانية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى ما دون 18 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد ليتراوح بين 17800 و17950.

واستمر الدولار في الانخفاض حتى وصل إلى 15700 ليرة لبنانية، وذلك بعد تهافت اللبنانيين إلى محال الصيرفة لبيع دولاراتهم وانخفاض الطلب على الدولار.

وفيما لا تعول شريحة كبرى من اللبنانيين على ما ستنجزه الحكومة من حلول للأزمة الاقتصادية، يتوقع الشارع مزيداً من الارتفاع في سعر صرف الدولار، خلال الأشهر القليلة المقبلة.

تفاؤل حذر

تعليقاً على حال الإرباك والخوف من المجهول الذي يعيشه المواطن اللبناني، قال الخبير والمحلل الاقتصادي منير يونس في تصريح لموقع " سكاي نيوز عربية "، إن انخفاض سعر صرف الدولار بعد تشكيل الحكومة مباشرة يشكل نوعا من التفاؤل السياسي".

وأضاف "الكل في انتظار حدث اقتصادي استثنائي من شأنه تحسين سعر صرف الليرة من خلال خطة حكومية، صحيح أن هناك جرعة تفاؤل بالمساعدات الدولية من خلال إدخال الدولار إلى البلد، مما يساهم في تحسن ميزان المدفوعات وبالتالي يتحسن سعر صرف الليرة، إلا أنه ولغاية اللحظة، ما زال ميزان المدفوعات في حالة عجز منذ عام 2011، وبالتالي فنحن ندفع العجز المتراكم على مدى سنوات طويلة والتي وصلت الى أكثر من 30 مليار دولار تخرج من السوق اللبناني وهي أكثر من تلك التي تدخل إليه".

الأولوية للخبز ثم الخبز في لبنان

ويضيف يونس "ما زلنا في نفس المشهد وسنبقى كذلك، خصوصاً في الأيام المقبلة، أي بعد رفع الدعم عن المحروقات حيث سيزيد الطلب على الدولار من قبل التجار المستوردين، وبالتالي يتوقع أن يتدهور سعر صرف الليرة، فالمؤشرات الاقتصادية ما زالت غامضة والحكومة لم تتخذ إجراءات استثنائية جذرية، وكذلك لم تدخل أية مساعدات لغاية اللحظة".

وأوضح يونس أن "الإجراءات الجذرية تتطلب مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أي أنها بحاجة للمزيد من الوقت ونعول على القليل من المساعدات التي قد تأتي من الطوارئ الإنسانية إلا أنها لن تحدث الفرق الكبير في ميزان المدفوعات، هناك عجز وهناك من يخرج الدولارات من البلد وكل ذلك يدخل ضمن المؤشرات ولا يعني بالضرورة أن هناك هبوطا كبيرا في سعر صرف الدولار".

حكومة انتخابات

وشرح يونس أن ما شهدناه "مجرد جرعة تفاؤل سياسي، مشيراً إلى أن شراء الدولار لدى الصرافين يتم على سعر 16 ألف ليرة، ولكن دون عمليات بيع، معتبراً أن هذا المؤشر يكشف مدى صحة السعر الحقيقي.

وتوقع يونس "ألا تقدم الحكومة حلولاً استثنائية لأنها حكومة انتخابات والأزمة الاقتصادية كبيرة جداً والخسائر قريبة من مئة مليار دولار ومعظمها ودائع للناس في البنوك، فكيف يعوض ذلك؟

أخبار ذات صلة

900 ألف "قنبلة موقوتة" تهدد اللبنانيين

ورأى أن "الموضوع شائك ولا يمكن لسعر صرف الليرة أن يتحسن بالشائعات، قائلا "هذه حدود الانعكاس وقد تم تثبيت سعر الدولار على منصة مصرف لبنان عند 16000ليرة، وكان هناك توازن عند هذا السعر ولا أتوقع المزيد من الهبوط في السعر".

وختم "اقتصادنا غير متعاف ويجب معالجته، ولا زلنا في إطار تشخيص المرض وعلينا المباشرة بمعالجة الأزمة الاقتصادية الكبيرة".

لعبة الدولار

يوضح المخاطر المصرفية، محمد فحيلي في حديثه لموقع " سكاي نيوز عربية " أن ما جرى تزامنا مع تشكيل الحكومة، برهن للمواطن اللبناني أن الدولار يتأثر بالوضع السياسي بالبلد وأن المضاربين هم من يلعبون هذه اللعبة.

وقال فحيلي " بعد حصول المضاربين في السوق على الدولارات التي بيعت بسعر منخفض سنرى كيف ستباع أيضاً ومجدداً بسعر مرتفع لتكتمل لعبة المضاربة".

ورأى الخبير فحيلي أن "أداء الحكومة وحده يثبت سعر صرف الليرة أمام الدولار وليس تشكيلها فحسب".

وأضاف أن "نيل الحكومة الثقة من البرلمان من شأنه فتح الباب أمام الأسرة الدولية للتعامل بطريقة منظمة من أجل مساعدة لبنان عبر المسارعة لجلب الغاز من مصر وتحسين قدرة لبنان على استيراد المواد الأساسية من طحين ودواء وغيرها من المواد".

وقال "عند رصد سير الحكومة بالإصلاحات ومدى سرعة إنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حينها سنرى ضوابط لسعر الصرف لجهة تحريره وأخرى لتوحيده".

وأردف "كل ذلك يتعلق بهيكلة الدين العام وإعادة جدولته وهو بالعملة الأجنبية والذي تتحمل جزءاً منه المصارف اللبنانية بقيمة عشرة مليارات دولار وجزء آخر تتحمله صناديق استثمار أميركية".

أخبار ذات صلة

ظاهرة "الرواتب المتبخرة" تضرب قطاع المعلمين في لبنان

وقال فحيلي "يجب أن تكون الأفضلية في المفاوضات لهيكلة وإعادة جدولة الجزء من الدين الذي تتحمله المصارف اللبنانية لنرى بعد ذلك انفراجا"

ولفت فحيلي أنه "إذا لم تقدم الحكومة بهذه الخطوة، فهي فاشلة وسنعود للفوضى كما حصل سابقاً مع حكومة الرئيس حسان دياب حيت امتنعت عن الدفع فيما تراقب الأسرة الدولية أداء الحكومة الجديدة، وخصوصاً جديتها في التعاطي مع المشاكل المطروحة والملحة."