حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) وبرنامج الغذاء العالمي، من سوء الأوضاع الإنسانية والمعيشية في أفغانستان، وأكدا أن المجاعة تهدد نحو 14 مليون مواطن، بعد الفوضى التي شهدتها البلاد إثر سيطرة حركة طالبان على مقاليد الحكم.
ونبه برنامج الغذاء العالمي لخطر "كارثة إنسانية وشيكة" في أفغانستان، إذا لم يتمكن البرنامج التابع للأمم المتحدة من جمع مبلغ 200 مليون دولار بحلول شهر سبتمبر المقبل، أي في خلال أيام أو أسابيع على أقصى تقدير.
وصرح المدير التنفيذي للبرنامج ديفيد بيزلي قائلا: "أفغانستان في مهب الريح بعد سنوات من الجفاف والصراع والتدهور الاقتصادي الذي تفاقم بسبب انتشار فيروس كورونا. زاد عدد من يقفون على شفا المجاعة الآن إلى 14 مليونا".
وأضاف أن "شعب أفغانستان في حاجة ماسة للمساعدة الآن"، موضحا أن "أعداد من يحتاجون لمساعدات برنامج الغذاء العالمي يمكن أن يزيد للضعفين إذا ما أدار المجتمع الدولي ظهره للأفغان".
وأردف بيزلي: "يتعين حسم حسابات السياسة بأسرع وقت ممكن، فمن دون هذا المبلغ (200 مليون دولار)، ستبدأ المواد الغذائية المخصصة لأفغانستان في البرنامج في النضوب الشهر المقبل، وستصبح حياة 14 مليون إنسان في خطر إذا لم يتم تجهيز المساعدات الغذائية لهم مسبقا قبل حلول فصل الشتاء".
كما حذرت الفاو من تردي الأوضاع الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي في أفغانستان على المدى القصير، حيث يعاني واحد من كل 3 أفغان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي المزمن، بسبب الصراع المستمر وجائحة كورونا وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفشي الفقر والبطالة.
ويرى مراقبون أن أفغانستان على وشك الانهيار الاقتصادي التام، بعد إعلان دول ومؤسسات عالمية وقفها المساعدات وحجب الاحتياطيات النقدية، على خلفية سيطرة حركة طالبان المتشددة على معظم أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة كابل.
ويقول الصحفي الأفغاني أحمد سيد، إن التقارير والتحذيرات الأممية الصادرة من منظمة الفاو ومن برنامج الغذاء العالمي، رغم خطورتها وهول الأرقام الذي تحدثت عنها، فإنها متوقعة.
ويضيف في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "خلال الأعوام القليلة الماضية كانت الأرقام مقاربة لذلك، من حيث نسب ومعدلات الفقر والمجاعة، لكن الأمور ستسوء أكثر بالطبع مع احتمال اندلاع حرب مجددا في البلاد، فمثلا مع سيطرة حركة طالبان على معظم المناطق قبل دخولها كابل، كان نحو 300 ألف مواطن قد نزحوا نحو العاصمة. كانوا يبيتون في الحدائق والأماكن العامة من دون ماء وغذاء ودواء وبلا أماكن تؤويهم. قس على ذلك لتصور فداحة الأوضاع الآن على الأرض".
ويتابع سيد: "حتى بحسب إحصاءات عام 2020، فإن 55 بالمئة من الأفغان كانوا تحت خط الفقر، وكان نحو 30 بالمئة من السكان يعانون انعدام الأمن الغذائي، أي ما يقارب 9.5 مليون أفغاني. هذا قبل جائحة كورونا، لكن بعدها ومع انعدام الممرات والجسور الجوية وتوقف المساعدات الإغاثية، فإن الأوضاع تزداد كارثية بطبيعة الحال".
ويضيف الصحفي الأفغاني: "نحن أمام أزمة إنسانية ومعيشية رهيبة في أفغانستان، فمثلا الموظفون بلا رواتب حيث لن تصرف الرواتب لأشهر قادمة ريثما تتضح معالم الوضع في البلاد، وكما نعلم فإن أكثر من 75 بالمئة من الدخل والنفقات العامة في البلاد كان يأتى عبر المساعدات والتمويل الخارجي، والآن لا يوجد أي تمويل من الخارج، والناس يكادون لا يجدون ما يسد رمقهم اليومي".
ويتابع سيد: "حتى الآن ثمة مواد غذائية في الأسواق لكنها شحيحة ولا تكفي حاجات المواطنين، خاصة أن البلاد أساسا ومنذ نحو 4 أعوام تعاني الجفاف وتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية. 80 بالمئة من الأفغان يعملون في الزراعة ويعتمدون عليها كمصدر رزق ودخل لهم، لهذا فالعديد من المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية كانت تأتي من الخارج، وفي ظل الوضع الراهن فإن الحركة التجارية متوقفة والطائرات التي تقلع من البلاد عسكرية فقط لإجلاء جنود ورعايا الدول المختلفة، لهذا ومع الأسف فخلال أسابيع قليلة مقبلة ستنفد السلع والمواد الغذائية والطبية الموجودة في الأسواق والمخازن، والأزمة المعيشية والغذائية الحادة ستنفجر في أفغانستان".