تساؤل يثير العديد من المخاوف بشأن أداء هذه الأسواق، وتأثيره على النمو العالمي مع بطء وتيرة برامج التطعيم فيها ضد فيروس كورونا، وسط مستويات مرتفعة من الإصابات بالموجة الخامسة من الجائحة في هذه البلدان.

مؤخرا أفصح مستثمرو الأسواق الناشئة عن قلقهم المتزايد بشأن توقعات النمو في الدول النامية، مع تأكيدهم على عدم وجود خطط لديهم لضخ استثمارات خلال الربع الأخير من العام، بحسب استطلاع أجراه "إتش إس بي سي".

كما أن صندوق النقد خفض توقعاته لنمو تلك الأسواق بواقع 0.4 نقطة مئوية إلى 6.3 بالمئة، وأرجع ذلك إلى بطء وتيرة برامج التطعيم.

ويخالف ذلك توقعات سابقة لبنك "جي بي مورغان" الاستثماري، الذي توقع في وقت سابق أن تُظهر أسواق الأسهم في الاقتصادات الناشئة أداء أفضل في النصف الثاني من العام الجاري، مع انحسار المخاطر التي تحيط بتأخر حملات التطعيم والقلق إزاء التباطؤ الاقتصادي في الصين، وأيضا قوة الدولار الأميركي.

لكن ما الذي حدث خلال الربع الثالث من العام الجاري ليحول توقعات المستثمرين بشأن النمو والتضخم في تلك الأسواق؟

بحسب رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات إيهاب الدسوقي، الذي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن تطورات المتحور "دلتا" التي بدأت تظهر في بعض تلك الأسواق تعتبر من أهم العناصر الحاكمة على أي توقعات بشأن النمو الاقتصادي، سواء في السواق الناشئة أو المتقدمة، لافتا إلى أنه "في ظل الجائحة شهدت تلك الأسواق انخفاضا في الاستثمار المباشر وغير المباشر (الأسهم)".

وأوضح الدسوقي أنه "إذا سارت وتيرة التطعيم بالشكل المطلوب وانخفض معدل الإصابات بالفيروس خلال الربع الرابع من العام 2021، فإنه يمكن أن نتوقع انتعاشة في الأسواق الناشئة، خاصة مع تحرك رؤوس الأموال التي توقفت لفترة طويلة وتحتاج إلى إعادة نشاطها الاستثماري لتحقيق مكاسب"، مضيفا أن "العكس أيضا يمكن أن نتوقعه إذا لم تسر منظومة التطعيم وحجم الإصابات بالشكل الإيجابي، الذي نتوقعه مع انتشار التطعيمات بتلك الأسواق".

أخبار ذات صلة

لليوم الثاني.. حصيلة وفيات قياسية بكورونا في روسيا
تصاعد الإصابات بالسلالة دلتا يوقف موجة بيع مكثفة للذهب

وتابع المصدر أن "ما تشهده الأسواق من ركود تضخمي هو ظاهرة اقتصادية طبيعية، خاصة مع عودة إجراءات الإغلاق في بعض الدول وتوقف بعض الأنشطة الاقتصادية، وهو ما يسبب هذا النوع من التضخم خاصة في الاقتصادات التي تستوعب صدمة هذه الإجراءات".

وتخوف الدسوقي من عدم مواكبة إجراءات مواجهة الجائحة والتطعيمات في الأسواق الناشئة للموجة الجديدة من الفيروس، لكنه يرى أن تأثير هذه الموجة سيكون محدودا على النمو والنشاط الاقتصادي في بلد مثل مصر، وهي من الاقتصادات الناشئة، رغم أن معدلات التطعيم أقل من الدول المتقدمة، لأن مستويات الإصابة بها منخفضة.

سيناريو متحفظ

أما أستاذ الاقتصاد الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة أمنية حلمي، فأكدت في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنها تميل لعدم تحقيق الأسواق الناشئة لمستويات نمو ملموسة خلال ما تبقي من العام الجاري، لافتة إلى أن "ما يشهده الفيروس من تحورات سريعة ومخاوف من عودة الإغلاقات يهدد أي نمو ملموس خلال الربع الأخير من 2021".

أباطرة اللقاحات يحققون مكاسب خيالية في 6 أشهر

وأوضحت حلمي إن "خطرين بارزين" ينتقلان إلى الربع الرابع من 2021، أولا من الممكن حدوث عمليات إغلاق اقتصادي أو اضطرابات مرتبطة بظهور الفيروس، خاصة مع ارتفاع الحالات مؤخرا في البرازيل وإندونيسيا وروسيا وجنوب إفريقيا وتايلاند".

وتابعت: "الخطر الثاني هو التغيير المفاجئ في ظروف التمويل الخارجي، وهو أمر لا نتوقعه لكن لا يمكننا استبعاده".

وقالت الأكاديمية إن "مستويات التطعيم ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على الأسواق الناشئة. الأداء الاقتصادي العالمي وما تشهده أفغانستان والدور الأميركي في هذه الأزمة يؤثر بشكل أو بآخر على أداء الاقتصادات الناشئة خلال الفترة المقبلة"، لافتة إلى أن عدم استفادة هذه الأسواق أيضا من الاتفاقات التجارية مع التجمعات الدولية يؤثر على أدائها خلال فترة الجائحة وما بعدها، وهو ما يؤثر على سياسة سعر الصرف وبالتالي حركة الاستثمارات من وإلى تلك الأسواق.

وباء كورونا يحدد مسار الاقتصاد العربي

وبحسب تقرير معهد التمويل الدولي العالمي لمراقبة الديون في يونيو الماضي، فقد بلغ إجمالي ديون الأسواق الناشئة اعتبارا من الربع الأول من العام الجاري 11 تريليون دولار، وهو أعلى مما كان عليه في نهاية عام 2019، أو 246 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار التقرير إلى أنه "مع ارتفاع مستويات الدين الحكومي في الأسواق الناشئة بنسبة 15 بالمئة منذ نهاية عام 2019، إلى جانب تضرر الإيرادات الناجمة عن الوباء، فإن خدمة الديون تمثل تحديا للكثيرين من تلك الأسواق"، وبالإضافة إلى ذلك "يمكن أن يؤدي تركيز المستثمرين المتزايد على مقاومة المناخ إلى زيادة الضغط على تكاليف الاقتراض للأسواق الناشئة الضعيفة".

ورغم ذلك، ترى حلمي أنه "لا تزال الأسواق الناشئة محرك النمو، ونموذج نموها يعتمد بشكل أساسي على الديون"، قائلة إن "أي تباطؤ في نمو الأسواق الناشئة التي تشكل 55 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وسط ضغوط محتملة على ديون الأسواق الناشئة، سيكون بمثابة عائق كبير أمام النمو العالمي".