سجلت مداخيل قطاع السياحة في تونس منذ بداية العام وحتى تاريخ العاشر من يوليو تراجعا بنسبة 25.3 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، بعد أن بلغت مداخيل القطاع الحيوي الأول في البلاد 874 مليون دينار فقط بحسب معطيات نشرها البنك المركزي التونسي.
وقد أدى تسارع انتشار وباء كورونا منذ شهر أبريل الماضي في كل جهات تونس إلى إلغاء الموسم السياحي كليا هذه الصائفة لترتفع بذلك خسائر السياحة التونسية المتعثرة منذ مارس 2020 بشكل غير مسبوق وتفوق السنة الأولى للجائحة التي شهدت فيها تونس حركة سياحية محدودة.
وأكد رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة جابر بن عطوش في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "تم إلغاء الوجهة التونسية بالنسبة لكل أسواقها التقليدية الأوروبية سواء كانت فرنسية أو ألمانية او إنجليزية، واعتبرت تونس منطقة حمراء بالنظر لسرعة انتشار الوباء داخل أراضيها وقامت الدول الأوروبية بإلغاء زيارات وفودها إلى تونس والتي كانت مبرمجة لشهري يونيو ويوليو، و كذلك فعلت السوق الروسية.
ولم تشتغل وكالات السفر والسياحة سوى على وجهة واحدة منذ شهرين وهي الوجهة البولونية بمعدل رحلتين أسبوعيا".
وبدورهم، سجل السياح الجزائريين والليبيين غيابا واضحا بسبب الإغلاق والحد من حركة التنقل برا بين تونس والجارتين.
واعتبر بن عطوش أن وضعية السياحة في تونس متأزمة و الحال أصعب من السنة الماضية بالنسبة للمهنيين في القطاع من عمال نزل ومطاعم ووكالات سفر ، موضحا أن النشاط السياحي لوكالات الأسفار في يوليو تراجع بنسبة 80 بالمائة مقارنة بنفس الفترة في العام 2020 بسبب تأثير الموجة الأخيرة لكورونا في تونس على قدوم الوفود الأجنبية.
وبين بن عطوش أن مداخيل السياحة في تونس تراجعت بنسبة 74 بالمائة عن معدلاتها المألوفة قبل الجائحة كما تقلص عدد الليالي المقضاة داخل النزل بنسبة 80 بالمائة، بينما لم تنجح السياحة الداخلية في تعويض هذه الخسائر فهي لا توفر أكثر من 27 بالمائة من الليالي المقضاة.
وبحسب رئيس جامعة وكالات الأسفار والسياحة، فإن الأمل الوحيد لإنقاذ الموسم السياحي "يبقى في تطعيم 70 بالمائة من التونسيين حتى تعود الثقة للسائح في زيارتنا وتكون الوجهة التونسية آمنة ويسترجع القطاع نشاطه بحلول سبتمبر القادم".
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تطعيم 80 بالمائة من العاملين في القطاع السياحي منذ شهر يونيو استعدادا لاستقبال السياح وإنجاح الموسم إلا أن الأزمة الصحية في كامل البلاد حالت دون استئناف النشاط السياحي.
هذا ودعا المسؤول عن وكالات الأسفار والسياحة إلى وضع خطة إنعاش عاجلة لتجنب إغلاق المؤسسات السياحية وإفلاسها بعد أن خدمت الدولة التونسية لعشرات السنين بتوفير العملة الصعبة والتنمية والتجديد ومن حقها اليوم أن تحظى باهتمام أكبر من الدولة وفق تعبيره.
قطع الوضع الوبائي الصعب في تونس الأمل في انتعاشة قريبة لقطاع السياحة الذي كانت تونس منذ أشهر تعوّل عليها للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، فبعد أسابيع قليلة من إعلان وزير السياحة أن تونس وجهة آمنة صحيا لاستقبال الزوّار في مايو الماضي تفاجأ العالم بأزمة صحية غير مسبوقة في كل محافظات تونس جراء انتشار الوباء.
وألغي الموسم السياحي قبل أيام من انطلاقه، ويوجه منهيي السياحة اللوم كله للحكومة جراء سوء إدارتها للأزمة الصحية، مستنكرين عدم اتخاذها لتدابير مرافقة لحماية القطاع المتضرر من الجائحة وإنقاذ مورد رزق آلاف العائلات المتصل بالنشاط السياحي حيث تشغل السياحة في تونس 350 ألف تونسي بشكل مباشر و250 ألف بشكل غير مباشر.
وبحسب أرقام نشرتها الجامعة التونسية للفنادق، فإن 60 بالمائة من عمال القطاع السياحي مهددين بالفقر فيما خسر 27 ألف عامل منهم وظائفهم بسبب توقف النشاط السياحي مع الخارج وعجز السياحة الداخلية عن تأمين مورد رزقهم بسبب إجراءات الحجر الشامل ومنع التنقل بين المدن الذي أقرته تونس منذ جوان الماضي.
وقال عضو الجامعة التونسية للفنادق نبيل بن عبد الله في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إنهم كانوا قد أعدوا استراتيجية للعمل في أبريل الماضي غير أن موجات الوباء القوية عصفت بكل آمالهم في إنعاش السياحة في تونس، معتبرا أن الدولة تخلت عن دعم قطاع السياحة منذ عام ونصف فأغلقت الكثير من الفنادق أبوابها بينما تقف أخرى على حافة الإفلاس.
ويؤكد بن عبد الله أن رقم معاملات الفندق الذي يملكه تراجع بنسبة 60 بالمائة مقارنة بالعام الأول للجائحة وأنه أصبح يفضل عدم الاطلاع على الأرقام والإيرادات لأن الأمر مؤلم جدا بالنسبة له فقد تكبد ككل مهنيي السياحة خسائر فادحة على مستوى الأرباح المادية و العناصر البشرية.
ويرتهن انتعاش الموسم السياحي في تونس لتقلص انتشار حلقات العدوى بفيروس كورونا وتعليق قرارات الغلق ومنع السفر باتجاه تونس للسياحة من الدول الأوروبية فضلا عن الحاجة الماسة لدعم الدولة للمؤسسات السياحية التي أرهقها تعليق نشاطها لأشهر طويلة.