كشف مكتب الصرف المغربي أن التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج سجلت ارتفاعا بنسبة 45,3 في المئة برسم الأربعة أشهر الأولى مقارنة مع نهاية أبريل 2020.
وأوضح المكتب في نشرته الخاصة بمؤشرات التجارة الخارجية في أبريل 2021، أن هذه التحويلات تجاوزت 28,8 مليار درهم، مقابل 19,84 مليار درهم خلال الفترة نفسها من السنة الماضي.
وفي تعليقه على هذه الأرقام، قال جواد النوحي، أستاذ المالية والسياسات العمومية، بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الأرقام تسير عكس التوقعات التي كانت تقول إن التحويلات ستعرف انكماشا.
وأضاف: "هذا المنحى التصاعدي للتحويلات، يمكن تفسيره بثلاثة عوامل؛ أولها الارتباط القوي لمغاربة الخارج بوطنهم الأم وهو ما تؤكده العديد من المؤشرات والمحطات".
وتابع: "أما بالنسبة للنقطة الثانية فتتعلق بوضعية الجالية المغربية بالخارج، فمعظمها يعيش وضعا مستقرا، سواء في دول الخليج أو الدول الأوروبية، فالنجاعة الاقتصادية لهذه الدول ساهمت في الاستقرار المالي للأسر المقيمة هناك. أما العامل الثالث فيكمن في الجانب التضامني، حيث إن عددا من مغاربة الخارج قدموا يد المساعدة لأهلهم داخل المملكة، كما لا يمكن أن ننسى أن هناك من لديه مشاريع اقتصادية في المغرب، ظل يمولها من الخارج".
من جانبه، ركز وزير السياحة السابق لحسن حداد على الجانب الإنساني، وأرجع ارتفاع هذه التحويلات إلى "حس التضامن عند المغاربة خلال الجائحة"، مؤكدا في سياق حديثه أن "هناك عددا من الأسر التي تضررت من الأزمة المترتبة عن انتشار الفيروس، فهناك من فقد عمله وهناك من أقفل مقاولته".
وأضاف حداد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية": "مغاربة الخارج قاموا بمجهود إضافي لدعم ذويهم وأقاربهم خلال الأزمة. ورغم تراجع طفيف في حجم التحويلات بداية 2020، فسرعان ما عاد المؤشر للارتفاع".
7 ملايير دولار في 2020
كشف وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون، أن حوالي 10 في المئة من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي بلغت قيمتها برسم سنة 2020 ما مجموعه 68 مليار درهم (أي ما يزيد عن 7 ملايير دولار أميركي)، توجه نحو الاستثمار، خاصة في الأراضي والعقارات.
وأبرز في جلسة عمل عقدها الاتحاد العام لمقاولات المغرب حول فرص الاستثمارات بالمغرب أن حوالي 15 في المئة من هذه التحويلات يتم تحصيلها عن طريق المدخرات، في حين أن معظم هذه التحويلات موجهة نحو التضامن والدعم العائلي.
في المقابل، جاء ضمن تقرير "موجز الهجرة والتنمية 34"، الذي أصدره البنك الدولي، أن التحويلات المالية إلى المغرب بلغت خلال السنة الماضية حوالي 7,4 مليارات دولار، ما يمثل 6,5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 6,9 ملايير دولار خلال سنة 2019، وهو المبلغ نفسه المسجل أيضا سنة 2018.
تدوير العجلة
ويحتل المغرب، حسب نفس التقرير، المرتبة الثانية من حيث تلقي تحويلات الجالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بعد مصر التي استقبلت تدفقات مالية من جاليتها في الخارج بحوالي 29,6 مليار دولار، وتأتي لبنان في المرتبة الثالثة بـ6,2 مليارات دولار، ثم الأردن في المرتبة الرابعة بـ3,9 مليارات دولار.
حسب الأستاذ جواد النوحي، فإن هذه التحويلات تساهم في "رفع احتياط النقد الأجنبي في المغرب، حيث إن عشرين في المئة من هذا الاحتياطي كان مصدرها تحويلات الجالية المغربية في العام الماضي. كما أن هذه الأموال التي تأتي من الخارج تساهم في الدورة الاقتصادية، حيث إن جزءا كبيرا يذهب إلى الاستثمار وجزءا أكبر يذهب إلى دعم الأسر؛ وحسب المعطيات فإن ثلاثة أرباع التحويلات هي عبارة عن دعم للأسر والأهل في المغرب".
كما أكد أستاذ المالية والسياسات العمومية، بجامعة محمد الخامس بالرباط في حديثه مع "سكاي نيوز عربية" أن هذه الأموال تمكن الأسر من الاستهلاك وبالتالي أداء الضرائب. كما أنها تلعب دورا اجتماعيا، بحيث توفر مدخولا مستمرا لعدد من الأسر، في وقت عانت فيه دول أخرى من تراجع تحويلات مواطنيها بالخارج بسبب الجائحة والأزمة التي خلفتها".
توقع بارتفاع التحويلات
رفع بنك المغرب توقعاته المتعلقة بتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج إلى 71,9 ملايير درهم برسم سنة 2021.
وأوضح البنك المركزي، في بلاغ عقب اجتماعه الفصلي الأول لسنة 2021، أنه "بعدما أبانت تحويلات المغاربة عن متانة جيدة سنة 2020 إذ ارتفعت بنسبة 5 بالمائة إلى 68 مليار درهم، يرتقب أن تصل إلى 71,9 مليار درهم سنة 2021، وإلى 73,4 مليار درهم في 2022".
واعتبر جواد النوحي أن هذا الارتفاع المتوقع، طبيعي ومنطقي. وأضاف قائلا: "يجب ألا ننسى أن عدد المغاربة المقيمين بالخارج يبلغ حوالي 5 ملايين نسمة، أي ما يمثل 12 في المئة من سكان المغرب. وتنتشر هذه الجالية في أكثر من مئة دولة، و85 في المئة منها تتواجد بالقارة الأوروبية".