في ترجمة عملية لمخرجات ومقررات قمة بغداد الثلاثية بين قادة مصر والعراق والأردن، التي حظي الجانب الاقتصادي خلالها بحصة الأسد، أبرمت بغداد والقاهرة اتفاقات اقتصادية جديدة.
وجاء ذلك خلال زيارة وفد مصري كبير ترأسته وزيرة التجارة والصناعة المصرية نيفين جامع، وضم عددا من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال، إلى بغداد.
وأبرم الجانبان العراقي والمصري اتفاق تعاون لإقامة مدن اقتصادية وصناعية، تشمل صناعات النسيج والجلود والدباغة والأدوية البيطرية والمبيدات الزراعية، بحسب بيان رسمي صادر عن خلية الإعلام الحكومي العراقي.
وجرى الاتفاق على وضع خطة عمل محددة بتوقيتات زمنية واضحة، بعد أن ناقش الطرفان الملفات التي ستشهد تعاون الدول الثلاث.
واستقبل وزير التجارة العراقي علاء الجبوري، نظيرته المصرية، وبحث معها سبل تطوير التبادل التجاري بين البلدين بما يعزز الأداء الصناعي.
وفي لقاء آخر جمع وزير التخطيط العراقي خالد بتال النجم بوزيرة التجارة والصناعة المصرية، اتفق الجانبان على إعداد وثيقة التعاون الثلاثي، التي تحدد المجالات والمحاور المتاحة للتعاون المشترك.
كما أجرى وزير الصناعة العراقي منهل الخباز مع الوزيرة المصرية زيارة إلى الجناح الثابت لشركات الوزارة في معرض بغداد الدولي، للاطلاع على إمكانات الشركات العامة ومنتجاتها المحلية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الاتفاقات ستسهم في تكامل الخبرات والإمكانات والموارد البشرية والطبيعية بين أطراف قمة بغداد الثلاثية لما فيه مصلحة الجميع، فـ"العراق بثرواته النفطية والغازية ومصر والأردن بتجاربهما المتقدمة في مجالات الصناعة والتعدين والاستثمار في الطاقة على اختلاف مضاميرها، وصناعاتها التحويلية والبتروكيماوية، سيكون بمقدورهم تحقيق منافع اقتصادية وتنموية جمة".
التعاون الاقتصادي أهم ركيزة
ويرى الكاتب والصحفي جينو عبد الله في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "ليس خافيا أن المصالح الاقتصادية هي الأهم في مجال العلاقات الدولية، فصحيح أن ثمة قواسم مشتركة لا تعد ولا تحصى تجمع البلدان الثلاثة، لكن التعاون الاقتصادي والاستثماري يبقى من أهم مرتكزات بناء وتطوير هذا التحالف الثلاثي".
ويضيف عبد الله: "العراق رغم غناه وموارده الطبيعية الهائلة بحاجة للخبرات المصرية والأردنية في الارتقاء باقتصاده وتطوير واقعه الصناعي، فمصر والأردن رغم كونهما بلدين غير نفطيين فإنهما مع ذلك يملكان تجربة تنموية وصناعية جيدة، أقله بمقاييس منطقتنا، خاصة في مجالات صناعة الأدوية والأسمدة والمنسوجات والأسمنت وغيرها. ثمة مجالات واسعة لتطوير شراكات كبيرة بين الدول الثلاثة".
ويتابع: "فمثلا في مجال السياحة يمكن الاستفادة من تطور صناعة السياحتين المصرية والأردنية، وخبرات القاهرة وعمّان المتراكمة في القطاع السياحي الذي يعد من أهم مصادر دخلهما. ليس خافيا أن العراق رغم غناه بالمواقع الأثرية والسياحية وبتنوعه المناخي والتضاريسي، خاصة في كردستان العراق التي تمتاز بجمال طبيعتها الخلابة وجبالها، فإن صناعة السياحة لديه وبناها التحتية متأخرة جدا، قياسا بالعوامل المتوفرة في البلاد".
مكاسب كثييرة
أما الباحث السياسي فاروق عبدول فيقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الوحدات والتكتلات بين مجموعة دول في عصرنا هذا، تحكمها بدرجة كبيرة اعتبارات ومصالح براغماتية اقتصادية، وهذا ينسحب على التحالف الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، الذي سيتوسع ولا شك في حال نجاحه في بلورة وتطوير شراكة مثمرة ومنتجة، ليضم بلدانا عربية أخرى كما تقول أطراف هذا التحالف نفسها".
ويضيف: "رغم أهمية العامل الاقتصادي ومركزيته، لكن في حالة هذا التحالف فإنه هناك علاوة على ذلك، دور لا يستهان به للصلات القومية والتاريخية والثقافية التي تربط هذه الدول الثلاث ببعضها أيضا، في تعزيز فرص نجاح هذا التجمع الضخم الذي يضم في عضويته أكبر دولتين عربيتين من حيث عدد السكان وهما مصر والعراق، مما يعني أن نحو 155 مليون نسمة وهو عدد سكان الدول المتحالفة الثلاثة، يشكلون القاعدة البشرية الديموغرافية لمشروع الشام الجديد".
ويعتقد خبراء اقتصاديون أن من شأن تنفيذ بنود قمة بغداد، خاصة تلك المتعلقة بقطاعات الصناعة والكهرباء والنفط والغاز، عبر إنشاء مناطق صناعية واقتصادية مشتركة وربط الشبكات الكهربائية والنفطية والغازية وخطوط نقلها بين الدول الثلاث، الأمر الذي يتيح للعراق تصدير إنتاجه النفطي عبرهما، أن يحدث تغييرا دراماتيكيا كبيرا في خارطة توازنات الطاقة بالمنطقة، وقواها وتكتلاتها الاقتصادية.
ومن المرجح أن يحرر ذلك العراق من الارتهان لإيران وتركيا، في التزود بالغاز من الأولى وفي تصدير نفطه عبر الثانية، وفي كف اعتماده شبه الكلي على سلع ومنتجات البلدين التي تغرق السوق العراقية.