في بلدة صغيرة اسمها بغلية تقعُ على بعد 100 كيلومتر شرقي الجزائر العاصمة، حيث ترتفع مختلف أنواع الأشجار بين المرتفعات الخضراء، تحقق معصرة لزيت الزيتون نجاحات توصف بالمبهرة، حتى صنعت لنفسها اسما على الصعيدين الوطني والدولي في مسابقات زيوت العالم.
وكان آخر النجاحات التي حققها "زيت زيتون بغلية" الفوز بـ "ميدالية بلاتينيوم" قبل أيام في لندن التي تعتبر وساما عالي المستوى في مسابقات زيت الزيتون العالمية.
لكن هذه المرة ليست الميدالية الوحيدة التي حصلت عليها هذه المعصرة، فقد سبق لها حصد جائزة في المسابقة الدولية الـ 18 لزيوت العالم المنظمة من طرف وكالة تثمين المنتجات الفلاحية بالعاصمة الفرنسية باريس قبل مدة قصيرة، إضافة إلى 4 ميداليات منها ميداليتان ذهبيتان؛ واحدة في دبي وأخرى في اليابان، فضلا عن ميداليتين فضيتين في إيطاليا ونيويورك على التوالي.
بداية المغامرة
التقى "موقع سكاي نيوز عربية" الرجل الذي يقف وراء هذا النجاح، وهو السيد حميد كيارد، المستثمر في قطاع زيت الزيتون الذي روى بفخر شديد كيف استطاع مع عائلته الصغيرة شق مجد الزيتون وإنتاج أحد أجود أنواع زيت الزيتون من منطقته البعيدة عن الأضواء والدفع به نحو العالمية ليصبح علامة مسجلة باسم بلدة بغلية.
يقول صاحب المعصرة إن "المغامرة أطلقها الوالد سنة 1998 حيث كان المؤسس الأول مع شقيقي"، ويواصل "وبما أنني فلاح فإنه كان من السهل عليّ التأقلم مع أجواء النشاط بالمعصرة والعمل على تطويرها".
ويروي حميد الذي تبدو على محياه تفاصيل خدمة الأرض بكل متاعبها، تفاصيل الانطلاقة، وكيف تحول التعامل مع شجرة الزيتون إلى قصة عشق وهواية صقلها بالسفر إلى عدة دول من بينها تونس وإيطاليا وإسبانيا للاستفادة من تجارب هذه الدول في زراعة الزيتون، موضحا أن الانطلاقة الحقيقية في العمل بدأت سنة 2010 مع اقتناء آلات للعصر والانطلاق نحو الاشتغال على الجودة.
في البداية، لم يكن ما يشغل هو تحصيل الجوائز، سواء وطنيا أو دوليا، وإنما العمل والاستثمار في هذا الميدان الزراعي المهم، ولكن كما يقول المثل "تأتي الشهية مع الأكل"، فجودة المنتوج هي التي أصبحت تصنع لنفسها حضورا خاصة في معارض الإنتاج الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أنه يشتغل في "معصرة كيارد" ببغلية 10 عمال منذ سنوات، حتى كونوا عائلة واحدة لا يمكن الاستغناء عن واحد منهم، فالعمل عمل فريق واحد.
من الشجرة إلى الحجرة
تشعر عندما يتكلم حميد عن شجرة الزيتون وكأنه يشير إلى شخصية قريبة منه، فهو يلطف حديثه ويختار ألفاظه بعناية وبهدوء منقطع النظير، حتى يخيل لك أنه يحدثك عن شيء مقدس.
وهذا الأمر هو الذي حقق لمعصرته النجاح والصدى الذي تعرفه داخل الجزائر وخارجها، حيث قدمت ثمنا كانت قيمته الجدية والتجديد والتحفيز في العمل، فالتغلب على الصعوبات لم يكن أمرا سهلا خاصة أن صناعة زيت زيتون الحقيقية تحتاج إلى رؤية واستراتيجية محددة.
وقد تجاوز حميد الآليات التقليدية في عصر زيت الزيتون، كالتقاط الزيتون من الأرض والتحول مباشرة إلى الطريقة الجيدة وهي "من الشجرة إلى الحجرة" حتى يتم الحصول على زيت ذات جودة عالية وبمنافع صحية متنوعة.
التوشيح بالميداليات
يؤكد صاحب معصرة كيارد في حديثه عن النجاحات العالمية، أنه قبل أربع سنوات لم يكن هناك بينهم أي حديث عن المسابقات الدولية أو نيل الجوائز، إذ جاءت الفكرة بعد مشاركة في أحد المعارض في برشلونة حيث تم الإعجاب بمادة زيت الزيتون التي نقدمها وجرت دعوتنا للمشاركة في المسابقات.
وتنوعت الميداليات التي تم التحصل عليها بين الذهبية والفضية والبلاتينيوم، وعبر مختلف الأماكن من إيطاليا واليونان إلى دبي بالإمارات العربية المتحدة ونيويورك.
ويصف حميد المشهد عندما يوشح بميدالية معينة "أشعر بسعادة غامرة، خاصة أننا نفوز بين مئات المشاركين من مختلف الدول، هذا الأمر يزيدنا فخرا بجودة منتوجنا كما أنه يشرف بلادنا الجزائر".
ويختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة مواصلة العمل، لإثبات قيمة زيت الزيتون الجزائرية بين مختلف الدول، مشددا في السياق ذاته على أن المناخ الجزائري المطل على البحر الأبيض المتوسط مناسب جدا لزراعة الزيتون وإنتاج زيته ذات الجودة العالية.