بعد ظهور أصغر عبوة زيت زيتون بالعالم في سوريا، وزنها 20 غراما وبالكاد تعادل ملعقة، أثار قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الصادر مؤخرا بالسماح بتصنيع ما سمته "أشباه الألبان والأجبان"، عاصفة من الاعتراضات والتعليقات الغاضبة بين السوريين، في ظل أزمة معيشية واقتصادية حادة في البلاد.

وبموجب القرار الجدلي الذي أصدرته الوزارة، يسمح لمعامل الألبان والأجبان بتصنيع منتجات "أشباه الألبان والأجبان"، وهي حسب توصيف الوزارة "منتجات غذائية يدخل في تركيبها الأساسي الحليب ومشتقاته، ويضاف إليه حسب الرغبة الزيوت النباتية غير المهدرجة والنشاء المعدل وأملاح الاستحلاب والمنكهات الغذائية المسموح بها".

وطالبت الوزارة المعامل عدم خلط خطوط إنتاجها من منتجات الألبان بمنتجات أشباه الألبان، وعدم تسمية تلك المنتجات بأسماء منتجات الحليب كاللبن واللبنة، واستبدالها بمصطلحات تتناسب مع طبيعة المادة.

ورأى الكثير من المنتقدين والرافضين للقرار أن "منتجات أشباه الألبان هذه موجهة ومصنوعة للعاجزين عن شراء منتجات الألبان ومشتقاتها الحقيقية والطبيعية، نظرا لارتفاع أسعارها قياسا بمعدل الرواتب في البلاد، الذي هو بحدود 50 ألف ليرة سورية شهريا أي ما يعادل نحو 15 دولارا".

بينما يرى مراقبون أن هذه المنتجات المشابهة للأجبان والألبان، موجودة أصلا في الأسواق لكن من دون التصريح عنها.

المغذيات الكيميائية النباتية.. علاج طبيعي في قدح قهوة

ويقول خبير اقتصادي سوري رفض كشف اسمه في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "أشباه الأجبان والألبان هذه يبدو أنها ستكون بمثابة البداية، فمع الغلاء الفاحش وانهيار سعر الليرة السورية وتفشي البطالة والعقوبات المفروضة على البلاد، ثمة توجه على ما أتصور لإنتاج مواد وسلع استهلاكية غذائية رديئة ورخيصة الكلفة، تكون بمثابة بدائل نتيجة ارتفاع الأسعار الجنوني في المواد الاستهلاكية الأساسية الضرورية والكمالية على حد سواء".

ويضيف الخبير: "رغم انتقاد الناس لهذا القرار لكنهم في المحصلة سيضطرون لشرائها إن طرحت في الأسواق، حيث لا خيارات بديلة لديهم بالنظر لقدراتهم الشرائية المتواضعة التي بالكاد تكفي سد رمقهم".

أخبار ذات صلة

رغم أزمة كورونا.. الأمم المتحدة تعلن أرقام "كارثة 2020"
قصة الإرهاب في صورة.. هل هناك تنظيم إرهابي كردي على الطريق؟

لكن المهندس مصطفى عبد العزيز يرى في لقاء مع "سكاي نيوز عربية"، العديد من المخاطر الصحية المترتبة على تناول "منتجات استهلاكية هجينة وغير معروفة التراكيب والمصدر، خاصة مع ضعف آليات الرقابة كي لا نقول غيابها في البلاد، ومع تراجع القطاع الصناعي وتدني مستوى العديد من المنتجات السورية بفعل ظروف الحرب والحصار ".

ويضيف: "لا ننسى هنا عامل الغش التجاري والصناعي، فمن يضمن مثلا سلامة استهلاك هذه الأغذية المعدلة، على المديين المتوسط والبعيد، وجودة المواد الأولية؟ ثمة غير ذلك الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الموضوع الخطير".

وكتب مغرد سوري على "تويتر" ساخرا: "الحكومة التي تجيز صناعة أشباه اللبن، والحليب والجبن لذوي الدخل المحدود، ترانا أشباه بشر. اللبن والحليب للطبقة الغنية، وأشباه اللبن والحليب لمن يشبههم"، مضيفا :”شبه راتب لشراء شبه جبنة، من أجل شبه حياة".

ونتيجة عاصفة الانتقادات الحادة هذه، قررت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية تجميد قرارها المتعلق بضوابط ومواصفات منتجات الألبان والأجبان المضاف إليها الزيوت النباتية غير المهدرجة، وذلك ليتم التوسع بدراسته مع الجهات المعنية ذات العلاقة بحسب بيانها.

ورغم ذلك، لم تلغ الحكومة القرار بشكل كلي، مما يعني أن الفكرة لا تزال قائمة، فيما لم تتوقف الانتقادات المتصاعدة الموجهة للوزارة، حيث استهجن معلقون سوريون عدم العدول على القرار كلية.