تراهن الجزائر هذه السنة على تصدير المزيد من المنتجات الفلاحية والوصول إلى قيمة 4 مليار دولار من المواد المصدرة خارج المحروقات وفتح أسواق جديدة دولية للمنتوج الزراعي المحلي، في مسعى إلى دعم وتنويع مصادر الاقتصاد وتحقيق الأمن الغذائي.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور انطلاق عملية تصدير أزيد من 23.6 طنا من أنواع البطيخ من محافظة الوادي، جنوب شرقي الجزائر، نحو فرنسا عبر ميناء محافظة سكيكدة الساحلية، وقد عرفت زراعة هذه الفاكهة بمزارع محافظة الوادي نجاحا باهرا في المدة الأخيرة بمرافقة المهندسين الزراعيين في هذه المحافظة ذات الطابع الصحراوي.
وتأتي هذه العملية، حسب الأمين العام لغرفة الفلاحة لمحافظة الوادي "بعد مساعي مصالح غرفة الفلاحة لإقناع الفلاحين المنتجين بأهمية توجيه منتوجاتهم الزراعية إلى الأسواق العالمية وفتح قنوات اتصال مباشرة بين المنتج والمتعامل الاقتصادي (المصدر)".
ويتم أسبوعيا شحن حوالى 25 طنا من أنواع البطيخ، وذلك في إطار الترويج لهذا المنتوج المحلي بغية أن تشمل العملية متعاملين اقتصاديين من دول أخرى مغاربية وعربية وأوروبية.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم في إطار هذه العملية التجارية تصدير ثلاثة أنواع من البطيخ ويتعلق الأمر بالبطيخ الأحمر 19.2 طن والأصفر 2.4 طن وطنين من الشمام.
استغلال القدرات
وحسب أرقام رسمية، فإن الجزائر استطاعت تصدير 50 ألف طن من المنتجات الفلاحية خلال الربع الأول من السنة الجارية 2021، بينما تجاوزت صادرات القطاع خلال السنة الماضية 100 ألف طن من الخضروات والفواكه، رغم أن تلك السنة شهدت جائحة كورونا التي فرضت إغلاقا في عدة قطاعات.
في غضون ذلك، أفاد وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحميد حمداني، شهر أيريل الماضي، في جلسة بمجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) أن الصادرات الوطنية بلغت من المواد الفلاحية 1.1 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من 2020.
ويرى رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين الجزائريين، منيب أوبيري في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أنه "من أجل نجاح عملية إنتاج وتصدير المنتجات الفلاحية، لا بد من استغلال كل الطاقات والقدرات التي تتمتع بها البلاد لدخول المزيد من الأسواق الإفريقية والأوروبية".
ودعا رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين الجزائريين في السياق ذاته إلى قيام كل جهة بدورها على أكمل وجه من المنتج إلى المصدر، مؤكدا على "ضرورة التخلص من بعض العراقيل البيروقراطية والعمل على تسهيل مهمة المصدرين".
وفي هذا الصدد، يدعو بعض المهنيين في القطاع الفلاحي، من بينهم منيب أوبيري إلى "توفير عوامل الإنتاج من البذور والأسمدة محليا وتوسيع الأراضي الصالحة للاستغلال وتسوية وتنظيم العقار الفلاحي".
مرافقة جهود الفلاحين
ومن أجل النهوض بالمنتوج الجزائري خارج المحروقات وتعزيز تنافسيته في الخارج، أحدثت الجزائر شهر فبراير الماضي، شبكة تفاعلية لدى القنصليات والبعثات الدبلوماسية لتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية، كما أنشأت مصالح وزارة الخارجية مكتبا إعلاميا لاستقبال المصدرين والمتعاملين لتسهيل التبادلات التجارية وتعزيز تواجد المنتجات الجزائرية في الأسواق العالمية.
وحسب الخبير الإقتصادي، أحمد سواهلية فإن "الجزائر لديها إمكانيات طبيعية هائلة من شأنها أن تجعل من القطاع الفلاحي قائدا لقاطرة خلق الثروة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية معا".
واعتبر أحمد سواهلية في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، أن التوجه نحو تصدير المنتجات الفلاحية الجزائرية "سيرجع بالفائدة على البلاد من عدة جهات، علاوة على الرفع من احتياطي الصرف من العملة الصعبة في الخزينة العمومية، سيخلق الثروة والتنمية في مناطق الظل التي هي مركز تواجد الأراضي الفلاحية".
وأكد سواهلية أن "نموذج الوادي في تصدير البطيخ ممتاز، سواء من المنتجين والفلاحين أو السلطات التي رافقت العملية"، ورافع المتحدث ذاته من أجل "ضرورة وضع شبكة لمرافقة المزارعين من التخزين إلى النقل ودراسة السوق ولا يمكن تحميل الفلاح المهام كلها، وهذا كله حماية لمنتجاتنا سواء في السوق المحلية أو عند التصدير".
وفي السياق ذاته، تعمل الحكومة الجزائرية على دعم القطاع الفلاحي من أجل ضمان الأمن الغذائي وتقليص فاتورة استيراد المواد الغذائية التي غالبا ما تفوق 10 مليار دولار سنويا.
ولعب المزارعون الجزائريون دورا كبيرا في خفض مستوى الانعكاسات السلبية لجائحة كورونا، من خلال توفير المنتجات الفلاحية الأساسية.
وأشاد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، قبل شهر، بالمساهمة الفاعلة لقطاع الفلاحة في الناتج الوطني، بنسبة تفوق 12.4 في المئة وبقيمة إنتاج عادلت 25 مليار دولار في 2020، مقابل 23 مليار دولار في 2019، وبمساهمة الزراعة في تشغيل أكثر من مليوني ونصف من اليد العاملة.