"نسعى لأن تكون ليبيا همزة الوصل بين ضفتي البحر المتوسط، ليبيا الواعدة الموحدة المستقلة، وتنويع مصادر الدخل، فهذه هي الضمانة الوحيدة لتوحيد الشعب الليبي في مواجهة التحديات الاقتصادية وتهديد الميلشيات الإرهابية".. هذه الآمال التي أفضى بها د. سلامة الغويل، وزير الدولة للشؤون الاقتصادية صورة لما تطمح إليه حكومة الوحدة الوطنية، لتعويض الليبيين بعد انهيار الاقتصاد على يد الميليشيات الإرهابية التي نهبته.
ولمعرفة خطة الحكومة ليقف الاقتصاد الليبي على قدميه مجددا، بعد أن تخطت خسائره نصف تريليون دولار في سنوات الإرهاب، تحدثت "سكاي نيوز عربية" مع الدكتور سلامة الغويل في ملفات عدة بعضها شائك.
ويبدأ الغويل بعرض رؤيته كمسؤول لمستقبل الاقتصاد فيقول: "حكومة الوحدة الوطنية تواجه تحديات جسام، أهمها استثمار الطاقات البشرية الموجودة في البلاد، ولدينا رؤية شاملة لبناء ليبيا الواعدة الموحدة المستقلة، صاحبة الدور في العالم كهمزة وصل ومهد حضارة ومعبر ثقافة تسعى للرفاهية لا الشقاء، والغنى لا الفقر، والسلام لا الحرب، والعدل والكفاية".
ولأن الاقتصاد السليم لا يقوم إلا في مجتمع مستقر، قال إن من أهدافنا التي نعمل عليها: "مجتمع متجانس متمسك بالقيم الأخلاقية، مع تقوية الروابط الاجتماعية والتنوع الثقافي، ووحدة الوطن في عهد جديد متصالح مع الماضي والحاضر، ومتطلع للمستقبل".
أما بالنسبة للاستثمارات فيقول الغويل إن من أهداف الحكومة استباب الأمن لجلب الاستثمارات بنوعيها المحلي والأجنبي وتحصين الاقتصادي، بما يضمن أن يتنعم الليبيون بثروات وطنهم، وتوحيدهم ضد التحديات التي تواجه ليبيا.
ومن ضمن جهود استباب الأمن مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتجارة المخدرات والأسلحة، والجريمة المنظمة، إضافة إلى مكافحة الإرهاب.
"آدمية الإنسان"
ومن النواحي الاجتماعية التي يشير إليها الغويل أن تأمين بيئة آمنة هدفه "تقديس آدمية الإنسان"، وفي رد على سؤال بشأن أن هذا يتطلب نشر العدالة، أجاب: "نحن معنيون بإعادة بناء النظام القضائي ليكون قوي بما يكفل للدولة القيام بدورها في الدفاع عن الحقوق دون تفريق بين ليبي وليبي".
أما عن السياسة الخارجية، كعامل مساعد في دعم الاقتصاد، فقال إن الحكومة تعمل على صياغة سياسات تحقق لليبيا المكانة اللائقة بها، ببناء علاقات وطيدة، وتقديم النموذج الوطني الناجح، وأن تكون ليبيا حلقة وصل بين ضفتي المتوسط وإفريقيا والعالم.
تنويع مصادر الدخل
هذه الآمال يصعب توافرها حين تعتمد ليبيا على مصدر واحد للدخل، مهدد بالنضوب، وهو النفط، ولهذا يقول وزير الدولة للشؤون الاقتصادية إن "تنويع الاقتصاد الوطني هو الحل المناسب لإنجاز تنمية دائمة في المستقبل".
وعن مصادر هذا التنويع أشار إلى الصناعة والخدمات وإنتاج سلع قادرة على المنافسة، والطاقة البديلة.
وهذا التنويع يحتاج إلى نهضة التعليم لتخرج الكوادر القادرة على تشغيل هذه المجالات، فيقول: "سوف نبذل ما في وسعنا لتكون فرص الليبيين في التعليم متساوية وبنظام متقدم".
الصراع على المصرف المركزي
كذلك من التحديات الفرقة بين المؤسسات المالية التي سيطر تنظيم الإخوان على بعضها لفترة طويلة منذ 2011، ومنها المصرف المركزي، وعن توحيد هذه المؤسسات يقول الغويل إن الحكومة قطعت أشواطا من المباحثات بين هيئات شرق البلاد وغربها؛ حيث نجح المصرف المركزي في توحيد سعر الصرف، وحلحلة أزمة السيولة التي بلغت القيمة الموردة من قبل المصارف التجارية إلى أقسام الإصدار بالمصرف المركزي 1.5 مليار دينار منذ بداية عام 2021 مما يعكس وجود سيولة فائضة لدى بعض المصارف التجارية.
كما أعلن المصرف أنه سيتم توفير كميات كبيرة من السيولة لكل المصارف التجارية في عموم البلاد وكذلك معالجة أي عراقيل تؤخر وصول السيولة لكافة فروع المصارف.
وتبقى إشكالية تواجه المصرف وهي عدم فتح المقاصة فيقول الوزير الليبي: "نأمل قريبا أن نتمكن من تجاوز العقبات التي تعطل فتح منظومة المقاصة، وفي هذا الإطار قام بتشكيل لجنة فنية لدراسة وتقييم نتائج سعر الصرف تكون من مهامها وضع آلية تضمن وتسهل قبول صكوك المقاصة بين المصارف، وتقديم تصور بشأن استئناف الحوالات المباشرة لصغار التجار بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة، وتقييم نتائج سعر الصرف في الفترة الماضية وستقدم اللجنة نتائج اعمالها نهاية شهر مايو 2021".
أما فيما يخص سيطرة الميليشيات على المصرف المركزي فنبَّه إلى أن المصرف المركزي "لا يزال يخضع لعدة تجاذبات وضغوط محسوبة على عدة أطراف؛ مما أثر على أدائه، خاصة فيما يُعرف بملف (الاعتمادة) وما شابه من فساد ارتبط بجهات مارست ضغوطها على المصرف، ولكن نأمل أن يحسم هذا الأمر بوصول مجلس الدولة ومجلس النواب إلى اختيار المرشح المناسب للمرحلة المقبلة".
انفراجة
وعن أثر الاستقرار النسبي الذي تعيشه ليبيا الآن، يرى الغويل أن المواطن الليبي "يشهد بعض الانفراجات والتحسن في الخدمات التي كانت منقطعة، وأهمها فتح الحقول النفطية وعودة الإنتاج قريبا إلى مستوياته السابقة، وعودة رحلات الطيران، وشركات الطيران الأجنبية مثل الخطوط التونسية، وقريبا ستعود الخطوط التركية، إضافة إلى وصول المياه لطرابلس".
وعن الكهرباء، لفت إلى أنها تشكل "أهم أولويات حكومة الوحدة الوطنية، بالتعاقد لبناء محطات جديدة، وصيانة المحطات القائمة، وتمكنت الحكومة من تحقيق استقرار في إمدادات الكهرباء".
ولتسريع برامج إعادة الإعمار تحتاج ليبيا حاليا إلى العمالة الأجنبية، وعنها قال الوزير إن هناك ترتيبات لاستقدام العمالة.
أمر آخر يشغل بال الدول الأجنبية، وهو مصير الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومات السابقة، فيقول عنها الوزير إن أولوية الحكومة الحفاظ على الاتفاقيات التي من شأنها خدمة المصلحة العليا لليبيا.
وفوق هذا تطلع الوزير إلى إقامة مناطق تجارة حرة مع دول الجوار، والتعاون السياحي والاقتصادي مع مصر بالذات، برفع الحواجز وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين.
ومنذ يومين اجتمع وفد من وزارة الخارجية الليبية يرأسه محمود خليفة التليسي، وكيل الشؤون الفنية في وزارة الخارجية، بمسؤولين مصريين بالقاهرة لبحث مطالب ليبية بتسهيلات في المرور والعبور من المنافذ البرية والجوية للمسافرين والبضائع، وخاصة عبر معبر السلوم.