دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، هذا الأسبوع، حملة تحت وسم "خليه يخناز" (دعه يتعفن)، كرد فعل على ارتفاع أسعار السمك في الأسواق بالتزامن مع شهر رمضان.

ويستعمل المغاربة وسم "خليه يخناز"، من فترة لأخرى للتعبير عن رفضهم الزيادة في أسعار بعض المنتجات الغذائية، مثل اللحوم الحمراء والخضروات والمنتجات البحرية.

وقد شهد سعر السمك منذ بداية شهر رمضان ارتفاعا صاروخيا تجاوز القدرة الشرائية للأسر المغربية ذات الدخل المحدود، حيث وصل سعر سمك السردين الذي يقبل عليه المستهلكون المغاربة بشكل كبير على سبيل المثال، ما بين 20 و25 درهما (نحو دولارين ودولارين ونصف) للكيلوغرام الواحد، في الوقت الذي لم يكن يتعدى سعره قبل أسابيع 10 دراهم (دولار واحد).

ودعا النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى مقاطعة الأسماك خلال الأيام المقبلة، من أجل الضغط على المحتكرين، ودفعهم للتراجع عن هذه الزيادة المتزامنة مع شهر رمضان.

عجيبة.. لماذا يزداد وزن بعض الصائمين في رمضان

وتعرف أسواق السمك خلال هذا شهر إقبالا كبيرا من المغاربة، لاقتناء المنتجات البحرية باختلاف أصنافها، حيث لا تخلو أغلب موائد الإفطار من أطباق السمك، التي تبدع الأسر في إعدادها كل حسب ذوقه وقدرته الشرائية.

أخبار ذات صلة

المغرب.. غضب واستياء بعد رفع أسعار زيوت المائدة
رمضان يرفع أسعار الغذاء بالمغرب

سبب ارتفاع الأسعار

وفي جولة ميدانية داخل السوق المركزي لبيع السمك بمدينة الدار البيضاء، رصدت "سكاي نيوز عربية" ارتفاعا في أسعار أغلب أصناف الأسماك، بما في ذلك الرفيعة أو منخفضة الثمن التي يقبل عليها البسطاء.

 من جهة أخرى، أكد المهني في القطاع ورئيس غرفة الصيد البحري بمحافظة الدار البيضاء سطات (حكومية)، كمال صبري، استقرار الأسعار في سوق الجملة لبيع السمك، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ارتفاع ثمن الأسماك بنسبة لا تتجاوز 10 في المائة مع تزايد الاقبال عليها خلال شهر رمضان، "يبقى أمرا طبيعيا".

ويشير صبري في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى تباين الأسعار بين أسواق الجملة وأسواق القرب "تبعا لاختلاف مناطق تواجدها، مما يستوجب تدخل السلطات والجهات المعنية لتصحيح الوضع وضبط الأسعار".

كما يعزو المتحدث ارتفاع الأسعار إلى "تدخل وسطاء ومضاربين في عملية تسويق السمك وبيعه دون أية ضوابط".

وعن الارتفاع الذي عرفه سمك السردين، والذي يطلق عليه المغاربة وصف "سمك البسطاء"، يؤكد صبري على أن "عوامل مناخية غير مواتية، دفعت بهذا الصنف من السمك للابتعاد عن السواحل والتوجه نحو أعالي البحار خلال الأيام الأخيرة، مما انعكس على المخزون، في مقابل ارتفاع الطلب عليه مما أدى إلى تضاعف سعره في الأسواق".

أخبار ذات صلة

"المجهول".. ملك التمور الذي يتهافت عليه المغاربة في رمضان
دسم أعراس المغرب.. هل يصلح رمضان ما أفسده كورونا؟

 استغلال الطلب المرتفع

ويعزو البعض ارتفاع أسعار السمك إلى قانون العرض والطلب، فيما يرى آخرون أن السبب الرئيسي وراء هذه الزيادات يعود إلى "المضاربات في الأسعار من طرف الوسطاء، بين الصيادين والمستهلكين".

ويقول رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن حملة "خليه_يخناز" التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، تحولت إلى عادة للتعبير عن الغضب كلما لمسوا ارتفاعا في أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، "غير أن نتائجها غالبا ما تظل محدودة التأثير ولا تحظى بتفاعل واسع، أو ترقى لما يصبو إليه النشطاء، المتمثل في المقاطعة".

ويرى الخراطي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "سبب ارتفاع الأسعار يعود بالأساس إلى الفوضى التي تسود أسواق السمك، ويتسبب بها الدخلاء على القطاع من سماسرة ووسطاء".

وأشار إلى أن السمك يعتبر من المنتجات التي تخضع لمضاربات كثيرة قبل أن تصل إلى مائدة المستهلك.

ولا يمثل ارتفاع سعر سمك السردين، بحسب المتحدث، سوى "أحد تجليات هيمنة الوسطاء على عملية تسويق المنتجات السمكية في الأسواق المغربية".

ويضيف: "في الوقت الذي لا يتجاوز فيه سعر الكيلوغرام الواحد 3 دراهم (0.3 دولار) داخل الميناء، فإنه يباع بسعر 20 درهم (دولارين اثنين) في أسواق القرب".

أخبار ذات صلة

هدر الغذاء في المغرب.. ظاهرة مكلفة للاقتصاد والأمن الغذائي
عادات المغاربة في رمضان.. هل ستتغير في زمن كورونا؟

 تنظيم ومراقبة أسواق السمك

ودعا الخراطي إلى ضرورة تنظيم السوق الداخلي والتحكم في مسارات المنتج، عبر إنشاء منصات خاصة لبيع السمك انطلاقا من أسواق الجملة، دون الحاجة إلى تدخل السماسرة، مع توفير وسائل نقل يمكنها نقل كميات أكبر مما يضمن تكلفة أقل، من أجل توزيع هذا المنتج على جميع مدن المغرب، انطلاقا من الدار البيضاء وأكادير، المدينتين الأكثر إنتاجا للسمك في المملكة.

ويرفض رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، استغلال بعض التجار للطلب الكبير على السمك خلال شهر رمضان، من أجل تحقيق ربح مضاعف، مستندين على قانون حرية الأسعار والمنافسة، دون مراعاة للقدرة الشرائية للمستهلك.

ويشير الخراطي، إلى أن "تواجد عدد كبير من المتدخلين في القطاع، يجعل عملية تنظيمه معقدة جدا، مما يصعب كذلك عملية التواصل بين جمعيات حماية المستهلك والجهات المعنية والوصية، أو تحميلها مسؤولية ما تشهده بعض أسواق السمك في المغرب".

وكان بلاغ للسلطات المغربية (وزارة الداخلية)، قد أكد أن المواد الأساسية تعرف في غالبيتها استقرارا، مع تسجيل بعض التغيرات النسبية في أسعار بعض المواد، من قبيل الانخفاض النسبي المسجل في أسعار الخضر واللحوم الحمراء والقطاني والفواكه المجففة، والارتفاع النسبي المسجل في أثمان الزيوت الغذائية واللحوم البيضاء والبيض.

كما شددت الوزارة في بلاغ قبيل شهر رمضان، على حرص السلطات العمومية على تتبع وضعية التموين عن كثب، "من أجل ضمان وفرة المواد الأساسية في الأسواق بمختلف مناطق المملكة، بالكميات والجودة وبأسعار معقولة".