أطلقت الحكومة المغربية، بتعليمات من الملك محمد السادس ورشا عملاقا، لأجل تعميم "الضمان الاجتماعي" ليشمل كافة الشرائح في البلاد، بما في ذلك أصحاب المهن الحرة والتجار والفلاحين وكذا الفئات المعوزة.

وبحسب ما كشفت عنه الحكومة المغربية، فإن هذا الورش سيكلف في مجمله أكثر من خمسة مليارات دولار سنويا.

وأوضح  وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، في 23 من فبراير الماضي، خلال تقديمه مشروع القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، أن هذا الغلاف المالي يتوزع على تعميم التغطية بالتأمين الاجباري عن المرض، وتعميم التعويضات العائلية، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.

وكشف المسؤول أن تعميم الحماية الاجتماعية بالمملكة سيكلف حوالي 51 مليار درهم سنويا (حوالى خمسة مليارات دولار).

وأضاف أن تمويل هذا الإصلاح يعتمد على موردين: الأول يعتمد على الاشتراكات التي ستوفر 28 مليار درهم، بالنسبة للقادرين على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، والثاني يقوم على التضامن وسيوفر 23 مليار درهم، بالنسبة للأشخاص الذين لا تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في التمويل.

ثورة اجتماعية

في هذا السياق، قالت ابتسام عزاوي، وهي برلمانية مغربية عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية: "بفضل التعليمات الملكية نحن مقبلون على ثورة اجتماعية حقيقية، تتجلى في تعميم الحماية الاجتماعية خلال خمس سنوات، من 2021 إلى 2025. 

وأضافت عزاوي أن إطلاق هذا الورش يتطلب انخراط جميع الشركاء والفاعلين من أجل الوصول للأهداف المرجوة وفق الجدولة الزمنية الطموحة جدا.

كما شددت البرلمانية على أهمية مبدأ الحكامة، وتجاوز العقبات التي تعرفها نُظم الحماية الحالية في المغرب. ومن بين هذه العراقيل؛ تعدد الفاعلين والمتدخلين، وضعف التدبير والتمويل، إلى جانب ضعف المنظومة الرقمية. وأضافت : "كل هذه النقاط يجب الاشتغال عليها لإنجاح الورش، وذلك عن طريق التنسيق بين المعنيين، كما يجب توحيد الجهود والأنظمة، لأن تعددها أبان عن محدوديته".

ويتفق الباحث في العلوم الإدارية والمالية، عبد الحي الغربة، مع هذا الرأي، حيث دعا إلى ضرورة وضع إطار لتنسيق مجهودات جميع الفاعلين، مع العمل على رقمنة المساطر والإجراءات المتعلقة بالحماية الاجتماعية.

وشدد الباحث في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، على وجوب الإسراع في إطلاق "السجل الوطني الموحد"، باعتباره الأداة المرجعية للتتبع الاجتماعي للأسرة المستهدفة، وحث على قطع الطريق أمام استغلال هذه العملية لأغراض انتخابية، خاصة أن أشهرا قليلة تفصلنا عن الانتخابات التشريعية المقبلة.

واسترسل الباحث الغربة قائلا: "إن نظام المساهمة التضامنية يجد سنده في مقتضيات قانون المالية لسنة 2021 الذي ينص على احداث المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح، ومن شأنه ضمان تقاطع مختلف أنظمة الحماية الإجتماعية، لا سيما عن طريق إحداث هيئة موحدة لتدبير هذه الأنظمة، بالإضافة إلى ضرورة إنشاء آلية تشرف على تتبع تنفيذ هذا الإصلاح، تحت إشراف الحكومة."

"إنهاء الحرمان"

ويسعى المشروع إلى تعميم الضمان الصحي على الفئات المحرومة منه، تدريجيا خلال سنة 2021، وذلك بالشروع في استفادة 800 ألف تاجر وصانع مغربي، ثم 1.6 مليون مزارع، ودمج الصناع التقليديين البالغ عددهم نصف مليون صانع.

وفي نهاية السنة الحالية، سيتم  تعميم الضمان الصحي على من يعملون في قطاع النقل، البالغ عددهم 220 ألف شخص، فضلا عن  دمج أصحاب المهن الحرة والمقننة، البالغ عددهم 80 ألف شخص. أما في 2022 فستتم برمجة "الدمج الكلي للفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية"، وعددهم 11 مليون مستفيد.

وستتحمل الدولة  تكاليف الاشتراكات عن 11 مليون منخرط في نظام المساعد الطبية "راميد" الحالي، ممن ينتمون للفئات الهشة والفقيرة بغلاف مالي سنوي يناهز 9 ملايير درهم، أي بزيادة سنوية تقدر ب 7 ملايير درهم مقارنة مع النفقات الخاصة بشراء الأدوية في إطار نظام "راميد" الحالي. وقد تم تخصيص 4,2 مليار درهم لهذا الغرض في قانون المالية لسنة 2021.

أخبار ذات صلة

المغرب "يشيخ".. نسبة المسنين في المملكة تصل إلى 35 %

المشروع موجه بالأساس لحماية الفئات الفقيرة والهشة والأسر ذات الدخل المحدود ضد مخاطر الطفولة، والمرض والشيخوخة وفقدان الشغل، من أجل ضمان استفادة 22 مليون مغربي، منهم 11 مليون منخرط في نظام المساعدة الطبية "رامید" الحالي، و11 مليون من المهنيين والتجار والفلاحين والصناع والتقليديين وأصحاب المهن الحر.

وسيستفيد هؤلاء من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنفس الخدمات وسلة العلاجات التي يستفيد منها العاملون في القطاع الخاص حاليا.

ويهدف المغرب أيضا إلى تعميم التعويضات العائلية التي سيستفيد منها نحو 7 ملايين طفل في سن الدراسة، إضافة إلى توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد، وذلك عبر دمج حوالي خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة، وتعميم التعويض عن فقدان الشغل.

وتشمل الحماية الاجتماعية، الحماية من مخاطر المرض المرتبطة بالطفولة والشيخوخة وفقدان الشغل.

أخبار ذات صلة

بعد درس الجائحة.. المغرب يخوض رهان "التأمين الصحي الشامل"

وبحسب تفاصيل نص مشروع القانون الذي اطلعت عليه "سكاي نيوز عربية"، فإن "هذا الإصلاح يجعل من الحماية الاجتماعية أحد مجالات التدخل الاستراتيجية وذات الأولوية للوقاية والتقليل من مختلف أوجه الهشاشة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين المغاربة".

وستعمل الحكومة المغربية على تعميم الحماية الاجتماعية عن طريق الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة (دعم المواد الأساسية) وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح المنظومة الوطنية وتأهيلها، وتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية.