في محاولة للتنفيس عن العاصمة المصرية القاهرة، المدينة الأكثر ازدحاما في مصر وربما إفريقيا، أطلق شاب مصري متخصص في الهندسة الزراعية مبادرة لزراعة أسطح المنازل، بمحاصيل الخضر والفاكهة البساتين، بهدف مواجهة المخاطر البيئية الناتجة عن الاكتظاظ السكاني والمروري، وذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي لكل منزل من احتياجاته من المزروعات المختلفة.

أحمد رجب صيام، الحاصل على المرتبة الأولى على دفعته في كلية الهندسة الزراعية جامعة الأزهر بالقاهرة، أطلق مبادرة "سطح أخضر، صحة أفضل"، بهدف استغلال أجزاء من الأسطح في زراعة المحاصيل التي تحتاج إليها أي أسرة من خضار وفاكهة ونباتات زينة وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها.

اختناق المدن 

يقول صيام، صاحب الـ 25 عاما، إنه نتيجة الزيادة السكانية التي أدت إلى اختناق المدن بالسكان، وزيادة عدد المباني والمنشآت المختلفة من مساكن ومدارس ومستشفيات ومصانع وشركات، شهدت المساحات الخضراء داخل المدن انخفاضا كبيرًا في المساحات الخضراء.

ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن ذلك نتج عنه العديد من المشاكل، تتصدرها مشكلة تلوث الهواء نتيجة زيادة مصادر التلوث بالعوادم المختلفة سواء من السيارات أو المصانع أو غيرها، مع اختفاء النبات الأخضر والذي يعتبر المرشح الطبيعي الوحيد لملوثات الهواء.

الوراعة على أسطح المباني

ووفقا للمعدلات العالمية فإنه من المفترض أن يكون لكل 5000 نسمة 3000 متر مربع من المسطحات الخضراء المختلفة، أي أنه من المفترض أن تكون مساحة المسطحات الخضراء بمصر من حدائق ومنتزهات 60 مليون متر مربع، والمتوفر منها 5 مليون تقريبا، وهو ما دفع صيام حسب قوله إلى فكرة زراعة الأسطح لتمثل جزاءً من حل هذه المشكلة، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من كل المحاصيل بشكل آمن صحيا.

"صيام" أضاف أيضًا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه يسعى من خلال هذه المبادرة إلى المساهمة في الحفاظ على البيئة متجددة ونظيفة، والتغلب على نقص مساحة الحدائق والنباتات الخضراء في المدن بزراعة أسطح المباني، والتخلص من المهملات التي تشوه المظهر الجمالي للمباني، واستثمار زراعة الأسطح في تحقيق عائد مادي، والوصول بالاكتفاء الذاتي لجميع المحاصيل التي تحتاج إليها أي أسرة.

أخبار ذات صلة

لإرضاء زوجها.. موظفة مصرية تغير "أسماء الشوارع"
في "ليلة البرونزية".. بكاء مروان محسن يثير مشاعر المصريين

 تدريبات على الزراعة

المبادرة أيضا لا تكتفي بنشر الفكرة، لكن أيضا تمتد إلى التدريب؛ إذ يتم تقديم المعلومات اللازمة لكل الأفراد المتدربين للبدء في زراعة الأسطح وتشجيعهم ومتابعتهم أثناء تنفيذهم للأنظمة المختلفة.

وتضم المبادرة فريق كامل حصل على تدريب وتأهيلهم بشكل جيد وعملي، حيث أوضح صيام أن الفريق على دراية كاملة بتنفيذ الأنظمة المختلفة ولديهم القدرة على نقل الفكرة لمن حولهم أو لمن يحتاج إلى مساندتهم؛ مشيرا إلى تنوع هذا الفريق ما بين طلبة وخريجين كليات الزراعة وكليات أخرى من كل المحافظات.

وبعد نجاح المبادرة في القاهرة، امتدت إلى باقي المحافظات المصرية وكذلك إلى دول عربية أخرى حسب صيام، الذي أشار إلى تدريب طلاب من كل الجامعات المصرية، بالإضافة لعدد كبير من السيدات والخريجين وعدد كبير من مختلف الدول العربية مثل الأردن والجزائر وفلسطين وسوريا والعراق وليبيا والسودان ولبنان واليمن؛ موضحًا أن المتدربين من الدول العربية كان لهم الحظ الأوفر، خاصة وأن بعض الدول مثل اليمن كانوا لأول مرة ينفذون الأنظمة الحديثة للزراعة المائية بدون تربة مع تقديم كل المعلومات والمتابعة معهم.

وأشار إلى أنه بخلاف أسطح المتدربين التي تعتبر بمثابة بادرة خير للمكان حولها، فهناك العديد من السطح التي تم تنفيذها من قبل المبادرة بمختلف المحافظات وكانت القاهرة لها الحظ الأوفر في عدد الأسطح التي تم تنفيذها.

10 آلاف سطح منزل

ونجحت المبادرة بالفعل في زراعة العديد من أسطح القاهرة سواء من قبل المبادرة أو من قبل المتدربين وهذه الأسطح موجودة، حيث أشار صيام إلى أن هناك نماذج تم الانتهاء منها ويتم الإشراف عليها وأخرى لا زالت قيد التنفيذ، مضيفا أن المبادرة تستهدف خلال عام 2021 أن تصل إلى 10 آلاف سطح بمتوسط 100 متر مربع.

جدوى اقتصادية عالية وأنظمة موفرة

ولا يعد العائد الوحيد من وراء هذه المبادرة بيئيا فقط، لكن صيام يؤكد أنه يمكن لأي شخص أن يتوسع ويكفي احتياجاته، بالإضافة إلى تسويق الفائض عن حاجته بأسعار تتضاعف عن المنتج المتوفر بالأسواق الجدوى الاقتصادية؛ مؤكدًا أن الإنتاج من هذه الأنظمة يصل إلى 8 أضعاف نفس المساحة من الإنتاج التقليدي، لأنه تتم الزراعة في أنظمة الزراعة بدون تربة.

وتتنوع حسب صيام أنظمة الزراعة بدون تربة، ما بين الزراعة المائية، والزراعة الهوائية وغيرهما، مؤكدا أنه لا يخفي على أحد أن الإنتاج غذاء آمن صحيا وخاليا من أي مبيدات أو كيماويات كما أنه ذات جودة عالية، وذلك يتم دون تكاليف تذكر عبر إعادة استخدام المخلفات الموجودة وتطويعها للزراعة في حال توفرها أو شراء المستلزمات الخاصة بكل نظام والتي تختلف اسعارها حسب النظام وحسب المساحة المراد زراعتها.

وأشار صيام إلى أن إمكانية زراعة أي نباتات يمكن تناولها أو نحب رائحتها وشكلها لأن ذلك يُشجع لحب الزراعات، لافتا إلى إمكانية زراعة نباتات الزينة الظليلة إذا لم تتوفر الشمس، لكن إذا توافرت يمكن زراعة نباتات الخضر الثمرية مثل "الفراولة والخيار والفلفل والباذنجان والكانتلوب والكوسة" ونباتات الخضر الورقية مثل "الخس والجرجير والكرنب والسبانخ"، والنباتات الطبية والعطرية مثل "النعناع والريحان والبردقوش والروزماري والزعتر"، وأشجار الفاكهة خاصة الأصناف القزمية.

تكنولوجيا لحل الأزمات

ولمواجهة مشكلات عدم قدرة البعض على الزراعة، نجح صيام وآخرين في تنفيذ نظام للري ذاتيا باستخدام بعض المستشعرات التي تقيس الرطوبة في التربة، وبناء عليه يتم تشغيل مضخة الري ذاتيا حتى الوصول لدرجة الرطوبة المطلوبة للتربة ثم يتم إيقافها عن التشغيل، وذلك من خلال تطبيق على الهاتف المحمول، يُمكن لهؤلاء الأشخاص استخدامه لري كل النباتات من أي مكان وفقا للبيانات التي يتم إرسالها عند حاجة النباتات للري.

 ونفذ أيضًا صيام وآخرين من خلال كلية الهندسة الزراعة بجامعة الأزهر، نظاما يعطي تنبيها عندما تتغير درجة تركيز الأملاح بالمحلول المغذي للزراعة المائية، موضحا أن المحلول المغذي يعتبر العمود الفقري لها وأي تغيير فيه له مشاكل وعواقب كبيرة وبهذه التقنية تم التغلب عليها ودائما تجعل الزراعة في أمان.

واختتم حديثه بأن هناك العديد من أنظمة التحكم والبرمجة التي تخدم القطاع الزراعي بوجه عام تمت بالفعل وهناك مازالت تحت التطوير والتنفيذ.