تستعد عشرات الوكالات السياحية الجزائرية لنقل آلاف الجزائريين نحو وجهة الجنوب الجزائري الكبير لقضاء عطلة رأس السنة الميلادية، وسط تحديات جائحة كورونا التي فرضت قيودا مشددة على إجراءات السفر نحو الخارج.

وقد توقفت حركة الطيران الدولي عبر مطار الجزائر الدولي منذ 10 أشهر، أي منذ بدء ظهور الجائحة.

وعدا تلك الرحلات المخصصة للإجلاء، فلم تهبط أي طائرة سياحية على أرضية مطار الجزائر الدولي منذ 17 مارس 2020، وقد شكل هذا الأمر عبئا كبيرا على شركات السياحة الجزائرية التي حاولت البحث عن بديل للهروب من شبح الإفلاس.

كورونا في المحفظة خلال 2020.

ويبحث الجزائريون كغيرهم من سكان المعمورة عن آخر فرصة لهم لقضاء أوقات جميلة في آخر أيام عام 2020 الذي كان عسيرا ومليئا بتقارير وزارة الصحة التي كانت تنزل ضيفا ثقيلا على نشرة الأخبار كل مساء بآخر إحصائيات ضحايا وباء كوفيد 19.

وقررت وكالات السياحة الرهان على الزبون المحلي وهم في الأغلب من متوسطي الدخل الذين حرمتهم كورونا من فرصة السفر وقضاء عطلة الصيف على شواطئ تونس تحديدا.

غدامس.. لؤلؤة صحراء ليبيا

ويؤكد الناشط في المجال السياحي الجزائري هشام داعوا أن الإقبال هذه السنة على وجهة الجنوب جاء نتيجة غلق الحدود بسبب جائحة كورونا.

وقال داعو لـ"سكاي نيوز عربية": "السياح الذين عادة ما يتوجهون إلى الخارج لقضاء عطلة نهاية السنة لم يجدوا أمامهم إلا التوجه نحو الوجهة الداخلية والصحراء".

أخبار ذات صلة

بعد سنوات من الأزمة.. مساع جزائرية لتطوير "الأسطول الجوي"
السياحة في الجزائر.. مشاريع واعدة للاستفادة من "ثروة نائمة"

وحسب مسير وكالة الرحالة الجزائرية، وليد إيرني سلمان، فإن هذه السنة استثنائية بجميع المقاييس، ومن الطبيعي أن تكون السياحة أول المتضررين من جائحة كورونا خاصة في الجزائر التي يستمر فيها غلق مطار الجزائر الدولي للشهر العاشر على التوالي بسبب الجائحة.

وقال سلمان لـ"سكاي نيوز عربية": "لا يوجد أي مؤشر على عودة الرحلات التجارية بشكلها الطبيعي، ولم تجد الوكالات السياحية سوى التوجه إلى تقديم عروض تنافسية لرحلات نحو الجنوب الجزائري الكبير".

ويصف مسير وكالة الرحالة الجزائرية هذه المبادرات بالهبة الكبيرة نحو الجنوب، وقال:"في مثل هذه الأيام يفضل الجزائرون التوجه إلى تونس ودبي وتركيا وفرنسا لقضاء عطلة رأس السنة، ولكن اليوم هي فرصة حقيقية لعدد كبير منهم لاكتشاف جمال الصحراء الجزائرية".

ويؤكد داعوا أن الشيء الإيجابي هذه السنة هو توجه الوكالات لبرمجة رحلات إلى المدن الداخلية التي لم تكن معروفة كوجهة سياحية.

وأشار إلى أن الأمر يهدف إلى تخفيف الضغط على المناطق السياحية واحترام البرتكول الصحي الذي يفرض أن لا يتعدى عدد السياح العشرين فردا لكل وكالة.

وقال داعوا: "العدد الإجمالي للمسافرين هذه السنة يفوق العشرة آلاف سائح منتشرة على خمسة أو ستة ولايات أهمها أدرار (تيميمون) تامنراست، جانت، بشار، غرداية، الوادي، وبسكرة".

تعويض الخسائر

وأكد رئيس النقابة الوطنية لوكالات السفر والخبير في السياحة، سعيد بوخليفة، أن قرار عودة الطيران الداخلي للعمل يعد خطوة مهمة شجعت وكالات السياحة على برمجة هذا النوع من الرحلات التي لم تكن ستهوي السياح الجزائريين في السابق.

وقال بوخليفة لـ"سكاي نيوز عربية":"لقد تكبدت الوكالات السياحية الجزائرية خسائر فادحة وأعلنت أزيد من ألف وكالة إفلاسها رسمها خلال عام 2020".

وأشار المتخصص في المجال السياحي إلى أن: "السياحة الداخلية أخر ما تبقي لشركات السياحة الجزائرية الكبرى التي تقاوم حاليا في ظل جائحة لا نعرف متى تنتهي".

بين الحذر والإشادة الدولية

وبينما يرحب المستثمرين في قطاع بمثل هذه المبادرات التي تأتي بعد عام كارثي، تنظر السلطات المحلية بكثير من الحذر والخوف للعدد الكبير خشية أن يؤدي هذا الإقبال لانتشار فيروس كورونا في الوقت الذي تشهد فيه أرقام الإصابات نوعا من الاستقرار والتراجع. (تسجل الجزائر حاليا حوالي 500 إصابة وعشر وفيات يوميا).

وقد كاد هذا التخوف أن يتسبب في إلغاء جميع حجوزات الفنادق في ولايات الجنوب، حيث قررت مديرية السياحة والصناعات التقليدية بولاية بشار تعليق الرحلات المنظمة بمناسبة احتفالات رأس السنة، وإلغاء جميع حجوزات الفنادق في منطقة تاغيت الشهيرة من 28 ديسمبر إلى غاية 2 يناير 2021، لكنها تراجعت عن القرار في الوقت بدل الضائع بعدما تلقت ضمانات من الوكالات السياحية باحترام البروتكول الصحي.

وأكد المدير العام للسياحة بوزارة السياحة والحرف اليدوية والعمل الأسري، نور الدين الندوي، أن استئناف الرحلات الداخلية في 6 ديسمبر الماضي مثل بداية جديدة للسياحة الداخلية، مما يسمح للوكالات السياحة والسفر باستئناف أنشطتها وتقديم عروض متنوعة بأسعار تنافسية.

وقد أشاد الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، زوراب بولوليكاشفيلي، بتجربة الجزائر الاستباقية في احتواء وباء كوفيد -19 وأي إجراءات تم اتخاذها للحد من انتشاره، وأثنى على الإجراءات التي اتخذتها الدولة لحماية الاقتصاد الوطني وقطاع السياحة بشكل خاص.