داخل مطعمه بالدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، يتابع شبات دحام وابنه عبر المواقع والقنوات الإخبارية، تفاصيل زيارة الوفد الإسرائيلي إلى المملكة.
وبشغف كبير ينتظر ما ستؤول إليه العلاقات، وما ستسفر عنه الاتفاقات بين الرباط وتل أبيب، لا سيما في ما يتعلق بالنقل الجوي والقطاع السياحة.
ويقول شبات الذي تعيش اثنتان من بناته داخل إسرائيل لـ"سكاي نيوز عربية": "منذ الإعلان عن عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، لا أتوقف عن متابعة تطور الأحداث بشكل يومي، وأتوقع أن تعود زيارة الوفد الاسرائيلي بالنفع ليس فقط على الدولتين، بل وعلى اليهود المغاربة داخل المملكة وخارجها أيضا".
وتابع شبات وعدد من مغاربة اليوم الثلاثاء، مسار أول رحلة تجارية مباشرة بين إسرائيل والمغرب، والتي انطلقت من غوريون، نواحي تل أبيب، واستغرقت قرابة 6 ساعات، لتحط في مطار العاصمة المغربية الرباط.
وكان على متن الطائرة وفد أميركي إسرائيلي مشترك، ضمن كبير مستشاري الرئيس الأميركي، جاد كوشنر، والمعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، آفي بيركوفيتس، إضافة إلى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مائير بن شبات.
ترحيب بالزيارة وترقب لنتائجها
"سعداء جدا بعودة العلاقات وننتظر بفارغ الصبر الإعلان الرسمي عن برامج الرحلات الجوية المباشر بين إسرائيل والمغرب، بعد إنتهاء هذه الزيارة. حتى أتمكن أنا وزوجتي من زيارة بناتي في إسرائيل و حتى تتمكنا هما أيضا من زيارتنا في المغرب دون الحاجة للتوقف في إحدى المطارات الأوروبية". يتحدث شبات المغربي ذو الأصول اليهودية.
يقاطع الشاب مانديل والده ويتحدث عن زيارة الوفد الإسرائيلي للمغرب قائلا: "هذه الزيارة لها أهمية كبيرة، لقد سمعنا بأنه سوف يتم توقيع اتفاقات اقتصادية وأخرى تهم المجال السياحي، وهو ما سيعود بالنفع على الجميع وستساعد على توطيد العلاقات بين البلديين".
يتابع مانديل الذي يتحدث بحماس وابتسامة تخفيها كمامته الواقية: "سيأتي السياح الإسرائليون بكثرة إلى المغرب، وسيلقون كل الترحيب، إننا لم نشعر كيهود يوما بأننا غرباء في بلدنا المغرب، أو أننا لا ننتمي إلى هذا الوطن الذي يضمنا جميعا".
عودة العلاقات بين البلدين وزيارة اليوم التي تحمل شعار السلام، لهما دليل على أن المغرب هو بلد للتعايش والتسامح، يقول مانديل ويضيف: "إننا نعيش في أمان وسط المغاربة المسلمين، الذي درسنا معهم وعلمناهم العبرية وأخدنا منهم العربية".
يوم تاريخي
غير بعيد عن مطعم شبات وإبنه، يزجد مخبز السيدة الباز، المغربية اليهودية التي لم تخف سعادتها إزاء التطورات الأخيرة التي شهدتها العلاقات المغربية الإسرائيلية، كباقي اليهود المغاربة الذي قابلتهم "سكاي نيوز عربية".
تقول الباز: "لن أنسى ذلك اليوم، العاشر من ديسمبر، حينما اتصل بي ابني من إسرائيل وهو يكاد يطير فرحا، ليخبرني يومها بقرار عودة العلاقات بين البلدين، وإمكانية تبادل الزيارات عبر رحلات جوية مباشرة".
وتستطرد الباز: "إن لدى اسرائيل إمكانات هائلة وكفاءات كبيرة في عدة مجالات، وأتوقع أن يستفيد المغرب من الاتفاقات التي سيوقعها الجانبان".
وأردفت "أعرف يهود مغاربة في إسرائيل وخارجها، ممن يريدون العودة إلى المغرب لكنهم يبحثون عن الفرص المناسبة قبل اتخاد هذا القرار، وأتمنى أن يخلق التعاون بين البلدين هذه الفرص".
آفاق اقتصادية واعدة
ويطمح اليهود المغاربة سواء داخل المملكة أو خارجها إلى ترجمة قرار استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب على أرض الواقع من خلال تعاون شامل وشراكة اقتصادية مربحة للجانبين.
واعتبرت الرئيسة المؤسسة لجمعية النساء رئيسات المقاولات في المغرب، سلوى بلقزيز، أن عودة العلاقات الاقتصادية المغربية الإسرائيلية من شأنها أن تفتح آفاق واعدة للتعاون بينهما، خاصة في مجال التكنولوجيا الحديث استنادا للخبرة والتجربة التي راكمتها إسرائيل في هذا المجال، وهو ما تستثمره بشكل جيد على المستوى الفلاحي والحماية المعلوماتية.
وتشير سيدة الأعمال المغربية في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "استراتجية المغرب في مجال الاقتصاد الرقمي يمكن تطويرها من خلال الاستفادة من التجربة والتكنولوجية الإسرائلية، كما أن عودة العلاقة ستسمح للفاعلين الاقتصاديين المغاربة من التعامل بشكل مباشر مع الشركات الإسرائيلية".
وأضافت بلقزيز أن "المغرب يمكنه أن يشكل بوابة نحو أفريقا بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في ظل توفر المغرب على بنيات تحتية مهمة ستتعزز بمشاريع ضخمة كميناء الداخلة الأطلسي، ومخططات اقتصادية على رأسها استراتجية تنمية الجهة الجنوبية".
من جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد ياوحي، إن "العلاقات المغربية الإسرائيلية هي علاقات لن تحكمها الحسابات، نظرا لوجود جالية مغربية لها وزن كبير على المستوى الاقتصادي والسياسي في إسرائيل، وفي دول عديدة عبر العالم، كانت تنتظر استئناف العلاقات بين البلدين من أجل الاستثمار في المغرب".
وذهب المتحدث في تصريحه لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى أن الاستثمارات الإسرائيلية في المملكة ستكتسي طابعا اجتماعيا نظرا لتشبث اليهود المغاربة بوطنيتهم وبجذورهم المغربية.
ولفت اليوحي إلى عدد من القطاعات التي يمكن للجانبين الاستثمار فيها مثل القطاع المالي والبنكي، وقطاع صناعة الأدوية والفلاحة إلى جانب الطاقات المتجددة ومجال الري، حيث تتشابه العديد من مناطق المغرب مع المناطق الجافة في إسرائيل.