قدم وزير الاقتصاد المغربي، محمد بن شعبون، الاثنين، أرقاما "قاتمة" بشأن حصيلة موازنة السنة الحالية، التي تأثرت بشكل كبير بتداعيات جائحة كورونا.
وفي عرض قدمه أمام البرلمان حول تنفيذ موازنة 2020 ومشروع قانون المالية لسنة 2021، أبرز بن شعبون أن عجز الموازنة تجاوز 55.5 مليار درهم (حوالي 6 مليارات دولار) بارتفاع بلغ 25 بالمئة مقارنة مع السنة الماضية. فيما يتوقع أن ينخفض الناتج الداخلي الخام بنسبة 5 بالمئة.
وقد تأثرت الموازنة بالتراجع الكبير الذي عرفته مداخيل الضرائب والقطاعات الحيوية بالنسبة للاقتصاد المغربي، نتيجة الوباء وتعاقب سنتين من الجفاف، في مقابل ارتفاع كبير على مستوى النفقات لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، للأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا.
انهيار مداخيل السياحة
وأوضح وزير الاقتصاد المغربي أن قطاع السياحة سجل تراجعا في القيمة المضافة بـ50 بالمئة مقابل 27 بالمئة التي كانت متوقعة، مشيرا في عرضه، على "ضياع كلي للموسم السياحي الصيفي في مراكش''، العاصمة السياحية للمغرب، وهو وضع فاقمه تأجيل إعادة الفتح الكلي للحدود، وإدراج المغرب على لائحة الدول الممنوع السفر إليها من طرف بعض البلدان، نتيجة للوضع الوبائي المقلق بالمملكة.
وتقدر خسائر قطاع السياحة، الذي يضخ مداخيل هامة في خزينة الدولة، بما يزيد عن مليار دولار.
وينطبق التراجع الذي شهده قطاع السياحة على قطاع النقل (تراجع القيمة المضافة بـ12 بالمئة مقابل 9.6 بالمئة) وقطاع التجارة (تراجع القيمة المضاف بـ9.1 بالمئة مقابل 8 بالمئة)، ملاحظا أن هذه المعطيات "أثرت على نمو الناتج الداخلي الخام للمغرب''.
مستويات قياسية
وأثناء تطرقه لآثار الحجر الصحي على سوق الشغل، أكد المسؤول المغربي "أن كل يوم من الحجر الشامل يهدد بفقدان 10 ألاف منصب شغل".
وأوضح أن الوباء والجفاف ساهما في ارتفاع أعداد العاطلين بشكل غير مسبوق، حيث فقد ما يزيد عن نصف مليون شخص مناصبهم خلال الفصليين الثانيين من عامي 2019 و 2020.
وتوقع أن تبلغ معدلات البطالة، مع نهاية العام مستويات قياسية ستناهز 13 بالمئة عوض 9.2 بالمئة المسجلة خلال السنة الماضية.
وخلص وزير الاقتصاد المغربي إلى أن الأرقام المعلنة حتى الآن، تشير إلى أن الإطار الماكرو-اقتصادي سيشهد تدهورا مقارنة من التوقعات الأولية أو حتى مع سنة 2019، بسبب تأثير جائحة كوفيد 19.
وأكد أن هذه التوقعات تبقى محفوفة بمخاطر مرتبطة بتطور الأزمة الصحية في الأشهر المقبلة، خاصة في ظل مخاوف مرتبطة "ببروز موجة ثانية للجائحة على المستوى العالمي خاصة لدى الشركاء الأوربيين، وتفاقم الأزمة الصحية على المستوى الوطني، وانعكاس التدابير الصحية الوقائية على استئناف مختلف الأنشطة بعد فترة الحجر الصحي.
خطة لتجاوز الأزمة
في عرضة أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، تطرق وزير الاقتصاد لملامح موازنة العام المقبل، مؤكدا أن سياق الجائحة وتداعياتها يفرض مجموعة من الرهانات كما يفرض التوجه نحو مزيد من ترشيد النفقات.
وأكد الوزير المغربي أن موازنة العام المقبل تمنح الأولوية للصحة والتعليم بضخ 5 مليارات إضافية في النفقات المخصصة للقطاعين.
وأوضح أنه سيتم تخصيص 5500 منصب في قطاع الصحة (بزيادة 1500 منصب مقارنة مع سنة 2020) و17 ألف منصب في ما يخص قطاع التعليم (بزيادة ألفي منصب مقارنة مع نفس السنة).
وأضاف أن تنفيذ هذه الأولويات سيُشكل إضافة على مستوى نفقات الدولة مجموعها 33.2 مليار درهم، موزعة على قطاعي الصحة والتعليم، ومجموعة من النفقات الأخرى غير القابلة للتقليص، ويتعلق الأمر بالنفقات الموجهة لكتلة الأجور، والتي ستخصص لها 8.5 مليار درهم إضافية، وميزانية الانتخابات التي ستخصص لها 1.5 مليار درهم إضافية.
وأشار المسؤول المغربي إلى أن موازنة السنة المقبلة، مرتبطة بعدة رهانات بينها تنزيل الأوراش الكبرى التي أمر بها العاهل المغربي الملك محمد السادس، كورش تعميم التغطية والصحية وتنفيذ خطة الانعاش الاقتصاد وهي الخطة التي رصد لها مبلغ مالي يفوق 12 مليار دولار.