عاد الجنيه السوداني للهبوط مجددا، إذ ارتفع الدولار اليوم الاثنين إلى 215 جنيها في تعاملات النقد، و220 جنيها عبر التحويلات الحسابية، مقابل سعر تراوح بين 190 و200 جنيها خلال الأيام الأربع الماضية التي أعقبت الإعلان عن إجراءات أمنية صارمة تتضمن عقوبات مشددة على المتعاملين في النقد الأجنبي، بعد وصول الدولار إلى نحو 270 جنيها نهاية الأسبوع الماضي.
وبينما قال تجار عملة إن الحركة بدأت تعود للسوق في ظل وجود طلبيات كبيرة من شركات وجهات أخرى، أكد اقتصاديون أن الإجراءات الأمنية لن تحقق النتائج المطلوبة لوقف تدهور العملة السودانية، دون اتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الشرطة السودانية لوقف أنشطة تجار العملة في شوارع الخرطوم، وفي أوكار أخرى تدار منها تلك الأنشطة، إلا أن العديد من البائعين والتجار لا يزالون يمارسون عملهم بشكل شبه طبيعي.
وقال أحد التجار لـ"سكاي نيوز عربية" إن الطلب على الدولار لم يتوقف، موضحا أن شركات كبيرة زادت من حجم الطلب على العملات الصعبة صباح الاثنين، مما عزز الاتجاه النزولي للجنيه.
وأقرت وزيرة المالية السودانية المكلفة، هبة أحمد علي، بوجود عمليات تزوير للعملة السودانية، مشيرة إلى عمل ممنهج لتخريب الاقتصاد السوداني عبر استخدام العملة المزورة لشراء الذهب والدولار بأسعار كبيرة مما أدى إلى تدهور الجنيه.
وفيما أكدت الوزيرة السودانية دعمها للإجراءات الأمنية إلا أنها قالت لـ"سكاي نيوز عربية"، على هامش تنويه صحفي عقد نهاية الاسبوع الماضي، إن كبح جماح أنشطة تجار العملة الذين يعملون في مجال تحويلات المغتربين في دول المهجر يحتاج إلى تنسيق أمني مع تلك الدول.
وأبدى الخبير المصرفي والقيادي في قوى الحرية والتغيير، محمد عصمت يحي، استغرابه من الاعتماد فقط على الإجراءات الأمنية دون وضع حلول اقتصادية أكثر نجاعة.
وقال عصمت لموقع "سكاي نيوز عربية" إن من الضروري إحكام الرقابة على الصادرات وخصوصا الذهب، إضافة إلى الإسراع في إصلاح النظام المصرفي وتفعيل عمليات الإشراف على حركة النقد الأجنبي.
وفي ظل التأكيدات الرسمية بوجود عملة مزورة في السوق ونحو 95% من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، وارتفاع التضخم إلى 166% بحسب بيانات رسمية، رشحت خلال الساعات الماضية تقارير، لم تتأكد "سكاي نيوز عربية" من صحتها، تشير إلى اتجاه لتغيير الجنيه وسحب "أصفار منه"، وتحجيم التداولات النقدية، والتركيز على التعاملات الإلكترونية.
وقال خالد مكي، وهو تاجر مواد بناء، إنه ما من سبيل لوقف التدهور المريع في سعر صرف العملة المحلية إلا من خلال اتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة، وأخرى طويلة الأمد.
وأوضح مكي أن من أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها بشكل سريع وشجاع تمكين البنك المركزي من السيطرة على صادرات الذهب، إضافة إلى فرض رقابة لصيقة على كافة مراحل إنتاج وتداول الذهب التي تشير تقارير إلى أن 70% منها يتم خارج القنوات الرسمية.
كما رأى مكي ضرورة إشراف الدولة الكامل على صادرات المنتجات الرئيسية كالسمسم والصمغ العربي والمواشي بالشكل الذي يضمن دخول عوائد الصادر كاملة إلى خزينة الدولة.
واستبعد مكي أن تنجح الحلول الأمنية وحدها في وقف تدهور العملة المحلية، معتبرا أن الحلول الأمنية يمكن أن تتركز فقط في الجوانب المتعلقة بكبح التهريب عبر المنافذ الجوية والأرضية والبحرية.
ويزيد تدهور الجنيه من معاناة الاقتصاد السوداني المكبل بمشكلات هيكلية كبيرة بسبب تراكم الديون الخارجية التي تقدر بنحو 64 مليار دولار، إضافة إلى توقف عجلة الإنتاج في معظم القطاعات الرئيسية.