سجّلت الليرة اللبنانية في السوق السوداء انخفاضاً غير مسبوق أمام لامس عتبة الخمسة آلاف، وفق ما أفاد صرافون وكالة فرانس برس،في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً وارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع.
وتعقد السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً بالحصول على دعم مالي يضع حداً للأزمة المتمادية، في وقت تقترب الليرة من خسارة نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ الخريف.
وفيما سعر الصرف الرسمي ما زال مثبتاً على 1507 ليرات، حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ 3890 كحد أدنى والبيع بـ3940 كحد أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة في محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة.
وبينما أغلق العديد من محال الصيرفة أبوابه بحجة عدم توفر الدولار، قال أحد الصرافين في بيروت لفرانس برس، رافضاً الكشف عن اسمه، إنّ سعر مبيع الدولار في السوق السوداء بلغ خمسة آلاف ليرة الخميس بينما الشراء 4800.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأ شراء الدولار صباحاً بـ 4850 ليرة، وفق ما أوضح أحد الصرافين في السوق السوداء لفرانس برس.
وفي جنوب لبنان، قال أحد المواطنين إنه باع مبلغاً بالدولار لأحد الصرافين بسعر 4750 ليرة.
وفي محاولة لضبط سوق الصرافة غير الشرعية، يعتزم مصرف لبنان بدء العمل بمنصة الكترونية لعمليات الصرافة في 23 يونيو.
ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع شحّ الدولار وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار.
ودفعت هذه الأزمة مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة. ووجد عشرات الآلاف أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة يخسرون وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب احصاءات رسمية، إلى أكثر من 35 في المئة.
وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج كالمفروشات والأدوات الكهربائية وقطع السيارات.
وأبدى نبيل (64 عاماً) وهو موظف متقاعد سخطه من التغيير اليومي في سعر الصرف. وقال لفرانس برس "بالأمس توجهت إلى متجر للأدوات الكهربائية لشراء براد، طلب مني البائع تسديد ثمنه إما 1200 دولار نقداً أو ما يعادله وفق سعر صرف خمسة آلاف أي 6 ملايين ليرة، أي ضعفي راتبي الشهري".
ولا تزال الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة وتعلّق آمالها على صندوق النقد في محاولة للحصول على أكثر من 20 مليار دولار بينها 11 مليار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً اجراء إصلاحات لم تبصر النور.
ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الإثنين إلى أن "لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية" شرط أن تكون مقرونة بتبني السلطات إصلاحات ضرورية ما زالت تتجاهلها.