بعد غياب شبه مطلق للصناعة العراقية عقب سقوط النظام السابق، ترسم احتجاجات العراقيين خارطة استهلاكية جديدة، مبنية على صناعة ثقافة الانتماء للوطن، وتفضيله على هوياتهم الفرعية الضيقة، يشمل ذلك استهلاك المنتج المحلي كأولوية أمام البضائع الاجنبية، ليفتتح سوق في العاصمة بغداد، مخصص لعرض المنتجات المحلية والأعمال اليدوية، مع حضور لافت للأسر العراقية.

وقالت زينب حسين (25 عاما) وهي إحدى المتبضعات إن "مجيئها للسوق أول أيام افتتاحه جاء نتيجة رغبتها في تشجيع المنتج المحلي، منجذبة لفكرة إنشاء السوق، ماجعلها تقتني بعض الأزياء والإكسسوارات المعروضة، التي تضاهي في جودتها المنتجات الأجنبية كما تدعي".

فيما أكدت المصصمة هلا خليل (29 عاما) أنها "تعرض أزياء للأطفال، وتخصصها بالأطفال جاء بعد أن تخرجت من كلية الفنون الجميلة ببغداد، مبتدئة بتصميم فساتين لابنتها الصغيرة، وساعدها في اختيار التصميم كمهنة رواج بعض أزيائها على وسائل التواصل الاجتماعي".

وبينت هلا أيضا أنها "تصمم القماش وتطرزه، فضلا عن تصميمها لنوع الفستان أو الزي، وهي في طور التحضير لأعمال جديدة تتلاءم مع فصل الصيف، مبدية سعادتها في المشاركة بسوق يدعم الطاقات الشبابية المنتجة".

وأشارت المصممة زهراء محمد (28 عاما) إلى أنها "تعرض مجموعة من الأزياء، بأنواع مختلفة، منها عباءات نسائية، ومنها مخصص للعمل، فضلاً عن الكاجول، مصممة كل ذلك بأسلوب يدوي، تستخدم الإبرة والخيط، فضلاً عن التطريز والرسم على القماش".

وعن اللوحات الفنية المشاركة في هذا السوق، أكد الفنان التشكيلي ضرغام غانم (36 عاما) أنه "عرض مجموعة من لوحاته في هذا السوق، بغاليري الواسطي، المجاور لقاعة الأزياء، وتقسم هذه المجموعة إلى فئتين، أولى تعبيرية، وثانية واقعية".

وشرح ضرغام أهم لوحاته المعروضة للبيع، مؤكدا أنها "لوحة تعبيرية تنبأت بثورة تشرين، ليتزامن وجودها في أحد المعارض الفنية مع انطلاق الثورة، وفحوى هذه اللوحة هي الشماغ، الذي يدل على ثورة العراقيين المستمرة ضد الظلم والطغيان، كما أبدى سعادته بمشاركتها في معرض فني يدعم المنتج الوطني، معتبراً إياه إحدى نتاجات ثورة تشرين".

بينما أشارت أحرار زلزلي (38 عاما)، مسؤولة فريق عمل يدوي يدعى (بس عراقي) إلى أنها "تشارك في هذا المعرض بعدد كبير من الأعمال، كالرسم على الخشب، ورسم لوحات ذو دلالات فلوكلورية بغدادية، فضلاً عن حياكة السجاد، وبعض التحفيات والإكسسوارات".

أخبار ذات صلة

القبعات الحمراء بمواجهة الزرقاء.. "منعطف خطير" في العراق
تطورات متسارعة بجنوب العراق..ودعوة لمواجهة "القبعات الزرقاء"

وأوضحت زلزلي أنها "أقامت مبادرات عديدة، وافتتحت أسواقا كثيرة، لكنها لم تحضى بدعم حكومي، عازية فضل الدعم الحكومي للمنتج المحلي في هذا السوق للمحتجين بساحات التظاهر في عموم العراق، واصفة ذلك بالمشكلة الخطيرة، متمنية من المؤسسات الحكومية دعما أكثر لتنشيط الحركة الانتاجية المحلية".

كما بينت أنها "أسست فريق (بس عراقي) لدعم المرأة العراقية، والتأسيس لثقافة أن المرأة يمكنها أن تنتج، لا أن تكتفي بوظيفة أو دراسة، إذ يتكون أغلب فريقها الإنتاجي من النساء، يتوزعن بين محافظات العراق كافة".

وحول فكرة إنشاء السوق أكد مسؤوله المباشر علي كاظم جبار أن "الفكرة بدأت قبل نحو شهرين، لدعم مبادرة الأزياء، إذ يقيم دار الأزياء العراقية دورات تدريبية لتعلم التصميم، يتخرج منها في كل عام 4 دورات، فلاستثمار هذه الطاقات الشبابية والمصممين الشباب قررت الإدارة إنشاء مبادرة مستمرة لدعم المنتج المحلي، تتمثل بسوق يفتح أبوابه يومياً من الساعة التاسعة صباحا وحتى العاشرة مساء".

وتابع أن "للاحتجاجات دور في تأسيس هذه المبادرة، موفرة الجدوى الاقتصادية، ما حتم على إدارة السوق فتح أبوابه لمنتجات عراقية متعددة، إذ يتكون السوق من ثلاث فئات، أول يعنى بالأزياء حمل مسمى (إلبس عراقي)، وثان يعنى بعرض لوحات رسامين عراقيين، وثالث لعرض منتجات الأعمال اليدوية العراقية لفريق (بس عراقي)".

وفي تصريح خاص لـ"سكاي نيوز عربية" بين وزير الثقافة العراقي، عبد الأمير الحمداني، أن "مبادرة (إلبس عراقي) أنشئت بالشراكة مع القطاع الخاص، وبدعم من وزارة الثقافة، والغرض منه تمثل بتشجيع الناس على الإنتاج، فضلاً عن كونه فضاء للعائلة العراقية، لتتمكن من دعم منتجها المحلي".

وقال الوزير أيضا إنه "عازم على دعم الحركة الفنية والثقافية داخل العراق، والإسهام في تأسيس هوية وطنية خالصة، مبنية على أساس الانتماء الوطني وتشجيع الحركة الثقافية والإنتاج الفني، وهو جزء لا يتجزأ من الحركة المجتمعية لدعم المنتج الوطني".