أفاد مسؤول تنفيذي بأرامكو السعودية، الجمعة، بأن الشركة واثقة من استئناف الإنتاج بالكامل بحلول نهاية سبتمبر من خريص، إحدى المنشأتين اللتين استهدفتا بهجوم إرهابي هذا الشهر.
ونقلت "رويترز" عن المدير العام لمنطقة الأعمال الجنوبية للنفط لدى "أرامكو" فهد عبد الكريم قوله للصحفيين خلال جولة نظمتها الشركة، إن "أرامكو تجلب معدات من الولايات المتحدة وأوروبا لإصلاح المنشآت المتضررة".
وأضاف عبد الكريم: "واثقون في أننا سنعود إلى الإنتاج الكامل حيث كنا قبل الهجوم (على خريص) بحلول نهاية سبتمبر"، موضحا أن "الإصلاحات جارية على مدار 24 ساعة لسبعة أيام في الأسبوع".
وكانت هجمات قد استهدفت في الـ14 من سبتمبر، معملين تابعين لشركة "أرامكو"، وكشفت السعودية بالأدلة الدامغة أن الهجوم لم ينطلق من اليمن، رغم الانطباع الذي أشاعته إيران.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع السعودية العقيد الركن تركي المالكي، في مؤتمر صحفي عقد بالرياض الأربعاء، إن الهجوم الإرهابي تم بواسطة 7 صواريخ كروز و18 طائرة مسيرة، جاءت من الشمال وليس من الجنوب، حيث اليمن.
وبيّن المالكي: "نواصل تحقيقاتنا لتحديد الموقع الدقيق الذي انطلقت منه الصواريخ والطائرات المسيرة".
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية أن مصدر هذه الأسلحة هو إيران و"لا يمكن أن يكون قادما في اليمن"، وأن "وكلاء إيران في اليمن لا يمتلكون مثل هذه الأسلحة".
وأشار المالكي إلى أن تحليل بقايا الأسلحة التي استخدمت في الهجوم تظهر أنها إيرانية الصنع، مؤكدا أن طهران تملك التقنية الخاصة بهذه الطائرات، كما أكدت الأرقام التسلسلية أنها إيرانية.
وأوضح أن صواريخ كروز المستخدمة في الهجوم صنعت في 2019، مشيرا إلى أن بقايا الصواريخ تطابق صاروخ "يا علي" الموجود لدى ميليشيات الحرس الثوري الإيرانية، التي أعلنت امتلاكه في فبراير الماضي.
وعرض المالكي لقطات فيديو من كاميرات المراقبة في منشآت "أرامكو"، رصدت الطائرات المسيرة لحظة الهجوم فجر السبت، كما عرض صورا تظهر جانبا من الأضرار التي أحدثها الاعتداء الإرهابي في المعملين.
ولفت المالكي إلى أن هذه الأدلة "لا تبقي أي مجال للشك بشأن وقوف إيران وراء هذا الاعتداء الإرهابي"، مؤكدا على الدور السلبي لنظام طهران ووكلائه في زعزعة استقرار المنطقة واستهداف المدنيين، والمنشآت النفطية والاقتصاد العالمي.
الرد الأميركي
وفي الوقت الذي تتوالى فيه الإدانات العربية والدولية للهجوم على منشأتي "أرامكو"، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الخميس، إن الرئيس دونالد ترامب هو من سيقرر طبيعة الرد على الهجوم الإرهابي، مؤكدة أن المؤشرات الحالية تظهر ضلوع إيران في الهجوم.
وفي مؤتمر صحفي عقد في مقر الوزارة بواشطن، قال المتحدث باسم (البنتاغون) جوناثان هوفمان، إن الولايات المتحدة ستعمل مع السعودية بعد استكمال التحقيقات ومعرفة مصدر الهجمات، لافتا إلى أنه " لن نقفز إلى الاستنتاجات قبل استكمال كل التحقيقات".
وأضاف هوفمان أن الجيش الأميركي سيقدم الخيارات المطروحة للرد على الهجوم الإرهابي إلى الرئيس دونالد ترامب، الذي سيقرر طبيعة الرد، مشيرا إلى أن الهدف منه الردع وليس الحرب.
وشدد على أن المؤشرات الحالية تظهر أن إيران هي المسؤولة عن الهجمات، لافتا إلى أن أسلحة متطورة بشكل غير مسبوق استخدمت في الهجوم.
عودة الإمدادات
ونجحت السعودية في تبديد مخاوف السوق العالمية للنفط، بتصريحات وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الثلاثاء الماضي، التي أكد فيها عودة الإمدادات البترولية إلى ما كانت عليه، قبل الهجوم الإرهابي الذي استهدف معملي شركة "أرامكو" شرقي المملكة.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان في مؤتمر صحفي بمدينة جدة: "لقد شرفني خادم الحرمين الشريفين وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان بأن أزف للمواطنين والمواطنات ولمحبي هذه الدولة، بشرى عودة الإمدادات البترولية القصوى لما كانت علية قبل الساعة 03:43 من صباح السبت (وقت الاعتداء على المنشأتين)".
وأضاف قائلا: "نتج عن ذلك العدوان انقطاع حوالي 5.7 مليون برميل من إنتاج الزيت الخام، منها 4.5 مليون برميل من معامل بقيق، حيث تتم معالجة الإنتاج في عدة حقول".
دور محوري
لفهم دور السعودية في أسواق النفط العالمية، من الممكن أن ننظر إلى مساهمتها في الطاقة الإنتاجية الاحتياطية بالعالم من النفط.
ويوفر سوق النفط العالمي يوميا نحو مليونين و400 ألف برميل من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية، التي من الممكن أن تدخل الأسواق عند الحاجة، وتشكل مساهمة السعودية وحدها من هذه الطاقة الاحتياطية نحو 70 في المئة.
وتعد السعودية موطنا لما يقرب من 298 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية المثبتة في العالم، أي ما يعادل 17 في المئة من احتياطيات النفط العالمية، وتشكل وحدها نحو 12 في المئة من صادرات النفط العالمية في 2018.
وبعد الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية السعودية، تصاعدت المخاوف بشأن حدوث نقص في الإمدادات النفطية في العالم.
إلا أن وكالة الطاقة الدولية بددت هذه المخاوف، إذ أكدت أن أسواق النفط العالمية تتوافر على مخزونات تجارية جيدة.
وتتجاوز هذه المخزونات في الدول المتقدمة مليارا و427 مليون برميل، وهذا يشمل النفط الخام فقط.
وتمتلك السعودية أيضا بحسب آخر الأرقام ما يقرب من 188 مليون برميل من المخزونات التي ستستخدم لتعويض النقص.
وتستحوذ السعودية وحدها على 10 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط البالغ 99 مليون برميل يوميا، وفق بيانات شهر أغسطس المنصرم.
وتحتل بذلك السعودية المرتبة الثالثة عالميا في سوق النفط، بعد الولايات المتحدة التي تأتي في المرتبة الأولى بإنتاج يشكل 12 في المئة، في حين تحتل روسيا المرتبة الثانية بحوالي 11 في المئة.
وتعد السعودية موردا عالميا أساسيا للنفط، الذي تقارب مستويات استهلاكه هذا العام 100 مليون برميل يوميا، وتصدر للأسواق الرئيسية، سواء الولايات المتحدة التي يشكل استهلاكها من النفط العالمي 21 في المئة، أو الصين التي تستحوذ على 13 في المئة، بالإضافة إلى الهند.