اجتمع القادة الأفارقة، الأحد، في العاصمة النيجرية نيامي لإطلاق منطقة تجارة حرة على مستوى القارة السمراء من شأنها حال نجاحها أن توحد 1.3 مليار نسمة، وتخلق منطقة اقتصادية حجمها 3.4 تريليون دولار، وتفتح الباب أمام عهد جديد من التنمية.

وبعد محادثات استمرت 4 سنوات، تم التوصل إلى اتفاقية لتشكيل تكتل تجاري يضم 55 دولة في مارس الماضي، وهو ما مهد الطريق أمام قمة الاتحاد الأفريقي في النيجر، حيث سيكشف الحضور عن الدولة التي ستستضيف مقر منطقة التجارة الحرة، وموعد بدء النشاط التجاري، ويناقشون آلية عملها.

ومن المأمول أن تساهم منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية، وهي الأكبر من نوعها منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية في 1994، في إطلاق إمكانات أفريقيا الاقتصادية بعد تعثر طال أمده من خلال دعم التجارة البينية، وتقوية سلاسل الإمدادات، ونشر الخبرات.

وقال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، بمناسبة افتتاح القمة إن أنظار العالم مسلطة على أفريقيا.

وأضاف أن اتفاقية التجارة الحرة للقارة الأفريقية ستعزز موقفنا التفاوضي على الساحة الدولية، وستمثل خطوة مهمة.

وشكلت التجارة البينية في أفريقيا 17 في المئة فقط من الصادرات في 2017، مقابل 59 في المئة في آسيا و69 في المئة في أوروبا، حيث تخلفت أفريقيا عن طفرات اقتصادية حققتها تكتلات تجارية أخرى في العقود الأخيرة.

ويقول خبراء اقتصاديون إن تحديات كبيرة لا تزال قائمة من بينها شبكات الطرق والسكك الحديدية المتهالكة، والاضطرابات في مناطق شاسعة، ومعوقات إدارية مفرطة على الحدود، والفساد الذي يعرقل النمو والتكامل.

وتعهد الأعضاء بإلغاء الرسوم على معظم المنتجات، مما يزيد حجم التجارة في المنطقة بنحو 15-25 في المئة على الأمد المتوسط، لكن ذلك سيتضاعف إذا جرت معالجة تلك التحديات الأخرى، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.

وذكر الصندوق في تقرير له في مايو، أن منطقة التجارة الحرة يحتمل أن "تغير قواعد اللعبة على المستوى الاقتصادي" على نحو مماثل للتغيير الذي عزز النمو في أوروبا وأميركا الشمالية، لكنه حذر من أن "خفض الرسوم وحده ليس كافيا".

أخبار ذات صلة

"قمة نيامي".. أحلام أفريقيا تلتقي في مصب نهر النيجر
"الحلم الأفريقي" يتحول إلى "طريق حرير"

خطوة نحو المستقبل

وحسب نائب مدير مركز حوض النيل بجامعة القاهرة وخبير الشؤون الأفريقية، د. أيمن شبانة، إن الاتفاقية تتسق مع الأهداف الاستراتيجية لأجندة التنمية فى أفريقيا للعام 2036 ، والتى تستهدف رفع نسبة التجارة الأفريقية البينية.

وقال شبانة لموقع سكاي نيوز عربية، إن من المتوقع أن تسهم الاتفاقية فى التغلب على الكثير من المشكلات التى كانت تعترض انسياب حركة التجارة البينية الأفريقية، ومن أهمها مشكلة تداخل العضوية، والممارسات التجارية غير العادلة، بالإضافة لتعزيز التعاون الجمركى والضريبى، وتنمية حركة التجارة البينية، وتوفير الملايين من فرص العمل.

وقال الخبير المصري، "هناك فرصاً سانحة لإنفاذ اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية. فهى تعبر عن رؤية أفريقية خالصة كما تمزج الاتفاقية بين أدوار الحكومات والقطاع الخاص والمبادرات الفردية فى تحرير
التجارة".

ولا يخفي مراقبون أن "التجربة الأفريقية الواعدة قد تعترضها تحديات وعقبات يتعين على الأفارقة مجابهتها لضمان إنفاذ الاتفاقية، ومنها التمسك بالمفهوم المطلق للسيادة الوطنية، والخوف من أن يؤدى توسيع اختصاصات وسلطات الكيانات القارية للانتقاص من السيادة الوطنية للدول". حسب د. شبانة.

ويرى خبير الشؤون الأفريقية، د. أيمن شبانة، أن مواجهة تلك التحديات ليس مستحيلاً، حيث يتطلب الأمر تبنى خطة استراتيجية فى إطار الاتحاد الأفريقى، لضمان تنويع الاقتصاديات الأفريقية، وبناء قدرات الدول الأعضاء، فى إطار تصور للتكامل الإقليمي يقوم على اعتبار أن الإنتاج هو محرك التجارة.

ويوجد في أفريقيا خليط من المناطق التجارية المتنافسة والمتداخلة، وهي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في الغرب، ومجموعة شرق أفريقيا (ايك) في الشرق، ومجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) في الجنوب، والسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) في الشرق والجنوب.

لكن ايك، التي تحركها كينيا بشكل رئيسي، أحرزت تقدما كبيرا صوب سوق مشتركة للسلع والخدمات.

وستواصل تلك التكتلات الاقتصادية الإقليمية المعاملات التجارية فيما بينها كما هو الحال الآن. وقالت ترودي هارتزينبرج المديرة بمركز ترالاك للقانون التجاري بجنوب أفريقيا إن دور منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية يتمثل في تحرير التجارة بين الدول الأعضاء بها والتي لا تنتمي لنفس الكتلة الاقتصادية.

ووافقت نيجيريا، أكبر اقتصاد في أفريقيا، يوم الثلاثاء على التوقيع على الاتفاقية خلال القمة المنعقدة حاليا ما يعزز المكانة المرتقبة للمنطقة الجديدة. كما وافقت بنين أيضا على الانضمام. ووقعت 54 من دول القارة وعددها 55 على الاتفاقية بينما لم يصدق عليها سوى 25 دولة.