لم تأت الأزمة التي تتخبط فيها فنزويلا اليوم من فراغ، بل عقبت سلسلة من النكسات، جعلت البلد الذي يتمتع بأكبر احتياطي للنفط في العالم، من أفقر الدول.
وكان من المفترض أن تكون فنزويلا من بين أغنى دول العالم في الفترة الراهنة، إلا أن الفساد الذي ينخر اقتصادها، وضعها في خانة "الدول الفاشلة".
وتصنف فنزويلا من أكبر الدول المصدرة للنفط عالميا، حيث تزخر بأكبر احتياطي يقدر بنحو 300 مليون برميل، مما يجعلها دولة مهمة في سوق النفط العالمي.
وتقول منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" إن إنتاج النفط يشكل نحو 98 في المئة من عائدات فنزويلا، بالإضافة إلى كونها غنية بموارد طبيعية مثل الغاز وخام الحديد والذهب ومعادن أخرى.
وبالرغم من كل هذا، فقد تراجع الإنتاج النفطي الفنزويلي بشكل ملحوظ، خلال السنوات الماضية، إذ بلغ أقل بكثير من 1.4 مليون برملين في اليوم، مقارنة مع 3.2 ملايين برميل قبل 10 أعوام.
وإلى جانب النفط، كانت فنزويلا تصدر المنتجات الصناعية الثقيلة مثل الصلب والألمنيوم والإسمنت، إضافة إلى الصناعات الإلكترونية والمواد الغذائية، مثل الأرز والأسماك والفواكه الاستوائية.
كل هذه المزايا الاقتصادية لم تشفع لفنزويلا لتقف بجانب أكبر اقتصادات العالم، فحكمت على نفسها ومواطنيها بالفشل والانكسار.
حال فنزويلا اليوم
ولفنزويلا حاليا أسوأ نمو اقتصادي في العالم، وأسوأ عملة محلية، وأسوأ معدل تضخم، وأسوأ نسبة بطالة، بالإضافة إلى معاناتها من نقص حاد في السيولة والأدوية وغيرها.
وأصاب النقص الشديد الذي تعانيه البلاد في الأدوية، مئات الآلاف من الفنزوييلين بأمراض خطيرة، مثل الملاريا والإيدز والسل. وتقول تقارير إن نسبة الإصابة بهذه الأمراض ازدادت بنسبة 300 في المئة مقارنة بالتسعينيات.
وتعاني البلاد كذلك من "أزمة غذاء"، حيث يفشل معظم الناس في الحصول على المواد الغذائية الأساسية، مما دفع بالكثير من فئة الشباب إلى اللجوء إلى السرقة والانضمام إلى العصابات المسلحة، من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويقول مراقبون إن من بين الأسباب التي وضعت كاراكاس في هذا المصاف، الفساد الذي يحيط بالأنظمة التي توالت على حكم البلاد، خلال العقدين الأخيرين، خصوصا نظام الرئيس الاشتراكي الراحل هوغو تشافيز وخليفته نيكولاس مادورو.
وتصنف منظمة الشفافية الدولية فنزويلا ضمن أكثر دول العالم فسادا، باحتلالها المركز التاسع، إلى جانب الصومال وكوريا الشمالية وأنغولا ودول أخرى.
وأدت الحالة الاقتصادية المتأزمة في فنزويلا إلى أكبر عملية نزوح جماعية تشهدها أميركا اللاتينية، حيث هاجر عدد كبير من المواطنين، هربا من الفقر والانهيار الاقتصادي، وبحثا عن حياة أفضل.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 2.3 مليون فنزويلي فروا من بلدهم حتى يونيو الماضي، مضيفة أن معظمهم توجهوا إلى كولومبيا والإكوادور وبيرو البرازيل.